خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
١٩
حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٠
وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢١
وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
-فصلت

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ }. قال بعضهم: وزعه إياهم أن يرد أولهم على آخرهم.
قال: { حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ } أي: جوارحهم { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } كقوله:
{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يس:65]. لمّا قالوا: { وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام:23] ختم الله على أفواههم وقال للجوارح: انطقن. فأوّل ما يتكلم من أحدهم فخذه. كقوله: { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ } [النساء:56]، تأكل النار منهم كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد، ثم يجدد خلقهم، فثمّ هكذا أبداً.
قال: { وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [انقطع] ذكر كلامهم ها هنا في هذا الموضع. قال الله عز وجل: { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [يقوله للأحياء] { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: يوم القيامة.
قال: { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } أي: لم تكونوا تستترون من الله { أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ } أي: حتى لا يشهد عليكم سمعكم { وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ }. وقال مجاهد: { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } أي: تخفون. { وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ }.
ذكروا عن الأعمش عمن حدثه عن عبد الله بن مسعود قال: بينما أنا عبد الكعبة إذ جاء ثلاثة نفر: قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فدخلوا في أستار الكعبة. فتحدثوا حديثاً لم أفقهه؛ فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ فقال أحدهم: لا يسمع شيئاً. فقال الآخر: أراكم إذا رفعتم أصواتكم يسمع، وإذا لم ترفعوا أصواتكم لم يسمع، وقال الثالث: لئن كان يسمع منه شيئاً إنه يسمعه كله. قال فأقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله: { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ }. وقوله: (ظَنَنْتُمْ) أي: حسبتم.