قوله: { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } أي: هلا فسِّرت
آياته وَبُيِّنَتْ { أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ } أي: بالعجمية والعربية، على مقرأ من قرأها بغير
استفهام. ومن قرأها على الاستفهام يمدها: آعجمي وعربي؟ يقول: أكتاب أعجمي
ونبي عربي. أي: يحتجون بذلك. أي: كيف يكون ذلك؟ والمقرأ الأول تفسيره عن
الحسن، والمقرأ الأخير تفسيره عن ابن عباس.
قال الله عز وجل: { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء } لما في صدورهم. أي:
يشفيهم مما كانوا فيه من الشرك والنفاق. والشرك مرض. والنفاق مرض دون مرض
الشرك. وهو مثل يَقول: فكما أن المريض ليس كالصحيح، كذلك الذي قلبه على
الكفر ليس كالذي قلبه على الإيمان.
قال: { وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي: لا يصدقون { فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ } أي: صمم
عن الإيمان { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } أي: يزدادون عمى إلى عماهم { أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي: هم بمنزلة الأصم الذي ينادى من مكان بعيد، فهو لا يسمع
النداء، أي: سمع قبول. وقال بعضهم: { يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } من قلوبهم: أي:
الإيمان بعيد من قلوبهم.
قوله: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } يعني التوراة { فَاخْتُلِفَ فِيهِ } يعني آمن به
قوم وكفر به قوم { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } أي: ألا يحاسب بحساب الآخرة في
الدنيا { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي: لحاسبهم في الدنيا فأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار
النار. وهذا تفسير الحسن.
وقال الكلبي: { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } لكفار هذه الأمة ألا يهلكهم
بالعذاب قبل يوم القيامة، كما أهلك من كان قبلهم من الكفار، لقضي بينهم، أي:
لعذبهم كما عذب الأمم الأولى حين كذّبوا رسلهم. قال: { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ }
أي: من العقاب { مُرِيبٍ } أي: من الريبة.