خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
١٠
فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
١١
لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٢
شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
١٣
-الشورى

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } يعني ما اختلفتم فيه من الكفر والإيمان، فحكمه إلى الله، أي: فهو يحكم بينهم فيه، يعني المؤمنين والمشركين، فيدخل المؤمنين الجنة، ويدخل المشركين النار. { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي } يقوله النبي عليه السلام، أي: قل لهم: ذلكم الله ربي، أي: الذي الحكم إليه. { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي: إليه أرجع.
{ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } يعني النساء، أي: تتوالدون فيكثر عددكم { وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا } ذكوراً وإناثاً في تفسير الحسن؛ أي جعل معايشكم فيها. وقال الكلبي: { وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا } أي: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ومن الإِبل اثنين، ومن البقر اثنين، الواحد منها زوج. { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } أي: يخلقكم فيه نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام. { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ } أي: فلا أسمع منه { البَصِيرُ } فلا أبصر منه.
{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: مفاتيح السماوات والأرض في تفسير مجاهد وغيره. وقال مجاهد: هي بالفارسية. وقال الحسن: المفاتيح والخزائن. وقال الكلبي: الخزائن؛ { يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } أي: ويقتر، نظراً منه للمؤمن، فيقتر عليه الرزق. { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.
قوله: { شَرَعَ لَكُم } أي: فرض لكم، في تفسير الحسن. وقال بعضهم اختار لكم. { مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } أي: ما أمر به نوحاً { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ } أي: ما أمرنا به { إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى } وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل. { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ } أي: الإسلام { وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } وهذا ما فرض الله على جميع أنبيائه، وبعث به رسله إلى خلقه. وهو كقوله:
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [الأنعام:153] إلى آخر الآية. وقال في آية أخرى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء:25]. وقال في آية أخرى: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران:85].
قوله: { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } من عبادة الله وترك عبادة الأوثان. { اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء } [أي: يختار لنفسه] يعني الأنبياء. قال مجاهد: يستخلص لنفسه من يشاء. والاستخلاص والاختيار والاصطفاء واحد. قال الحسن: هو كقوله:
{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ } [الحج:75] وقال بعضهم: يجتبي إليه، أي: إلى دينه من يشاء. { وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } أي: من يُخلص له.