تفسير سورة الأحقاف، وهي مكية كلها
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قوله: {حـمۤ}، قد فسّرناه فيما مضى من
الحواميم. قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} أي: القرآن {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أي:
العزيز في نقمته الحكيم في أمره.
{مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ} أي: للبعث والحساب
والجنة والنار. {وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} أي: القيامة {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ}.
قوله عزّ وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} يعني أوثانهم {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} أي: لم يخلقوا منها شيئاً. {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}
أي: هل خلقوا منها شيئاً؟ على الاستفهام، أي: لم يخلقوا شيئاً. {ائْتُونِي} يقول
للنبي عليه السلام: قل لهم: ايتوني {بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا} فيه أن هذه الأوثان
خلقت من الأرض أو من السماوات شيئاً. {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} أي: بهذا {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي: لستم بصادقين، وليس عندكم بهذا علم ولا أثارة من علم.
ومقرأ الحسن وتفسيره {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} أي من السنن التي قالها النبي عن الله
غير منصوصة في الكتاب.
وتفسير الكلبي: بقية من علم قد كان قبل هذا القرآن {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
وهي تقرأ على وجهين: أثارة وأثرة. فمن قرأها أثارة فهي البقية ومن قرأ: أثرة
فهو يقول: خاصة من علم.
ذكروا عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط فقال: "هو أثرة من
علم" .
ذكروا عن عطاء بن يسار قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الخط فقال: "كان نبي
من الأنبياء يعلمه، فمن وافق مثل علمه علم" .