خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
١١
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً
١٢
-الفتح

تفسير كتاب الله العزيز

قوله تعالى: { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ } يعني المنافقين [المتخلفين عن الجهاد في تفسير الحسن] { شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا } أي: خفنا عليها الضيعة، فذلك الذي منعنا أن نكون معك في الجهاد { فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } أي يعتذرون بالباطل.
وقال الكلبي: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية تخلف عنه عامة الأعراب، لم يتبعه أحد منهم، وخافوا أن يكون قتال. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وعده الله خيبر؛ فأتوه ليعتذروا وليغزوا معه رجاء الغنيمة، يقولون: { شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا }... إلى قوله: { بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا }.
قال الله عز وجل: { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا } أي أن يهلككم بنفاقكم فيدخلكم النار. { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا } أي: أن يرحمكم بالإيمان. أي: يمن عليكم. وقد أخبر نبيّه بعد في غير هذه الآية أنه لا يتوب عليهم في قوله: { وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ } أي: وتموت أنفسهم، أي يموتون.
{ وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة:55]. وقال: { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } [المنافقون:6]. قال: { بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }.
قوله: { بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } قد ذكرنا تفسير الكلبي أنه يوم الحديبية. وقال الحسن: كان ذلك في غزوة تبوك. كان المنافقون يقولون: لن يرجع محمد والمؤمنون إلى المدينة أبداً، ويهلكون قبل أن يرجعوا ويهلك دينهم.
قال: { وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ } وهو مثل قوله:
{ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ } [الفتح:6] أي: ظنوا أن محمداً وأصحابه سيهلكون ويهلك دينهم.
قال: { وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا } أي: فاسدين.