قوله: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ } أي: لا يستهزىء قوم
بقوم، أي: رجال برجال { عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ } أي: إخوانكم، أي لا يلمز بعضكم بعضاً،
أي: لا يستقبل الرجل أخاه بوجه، فيعمد له بوجه. وقال مجاهد: أي: لا يطاعنوا،
أي: لا يطعن بعضكم بعضاً.
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شر الناس ذو الوجهين، الذي
يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
قال: { وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ }. ذكر الحسن قال: لا يقول الرجل لرجل قد
كان يهودياً أو نصرانياً فأسلم: يا يهودي، ولا يا نصراني، يدعوه باسمه الأول،
فنهى الله المؤمنين عن ذلك.
قال تعالى: { بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ } أي بيس الإسم اليهودية
والنصرانية بعد الإيمان.
وقال مجاهد: لا يُدْعى الرجل بالكفر وهو مسلم. قال الحسن في تفسيرها: لا
تقل لأخيك: يا فاسق.
ذكروا أن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن المؤمن كقتله،
والشهادة عليه بالكفر كقتله" .
ذكروا عن العلاء بن زياد قال: ما يضرك أشهدت على مؤمن بالكفر أم قتلته.
ذكروا عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين إلا وبينهما
من الله ستر. فإن قال أحدهما كلمة هُجْر فقد خرق ستر الله، فإن قال أحدهما
لصاحبه: يا كافر، فقد وقع الكفر على أحدهما" .
ذكروا عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه يا
كافر فقد باء به أحدهما" .
ذكروا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الرجل يقول للرجل: يا فاسق،
يا فاجر، يا خبيث، قال فواحش تجر عقوبة، ولا تعودوا لمثلهن فتُعَوَّدوهن.
قال تعالى: { وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } أي: ظلم نفاق، وليس
ظلم شرك؛ وهو ظلم دون ظلم، وظلم فوق ظلم.
وقال الكلبي: { لاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ } أي: لا يطعن بعضكم بعضاً.