خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣
-المائدة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ } أي: ما ذبح لغير الله. { وَالمُنْخَنِقَةُ }. قال بعضهم: المنخنقة: التي تختنق في حبلها فتموت، كانوا يأكلونها. { وَالمَوْقُوذَةُ } كانوا يضربونها بالخشبة حتى تموت ثم يأكلونها. { وَالمُتَرَدِّيَةُ } التي تتردّى في بئر فتموت فيأكلونها. { وَالنَّطِيحَةُ } الكبشان ينتطحان فيموت أحدهما، كانوا يأكلونه. { وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } أي إلا ما أدركتم ذكاته.
قال بعضهم: كل ما أدركتم من هذا كله، ما خلا الخنزير، من عين تطرف، أو قائمة ترتكض، أو ذَنَب يتحرّك، فأدركت ذكاته، فذكرت اسم الله عليه، فقد أحلْ الله لك أكله.
ذكروا عن بعضهم قال: إنما تكون الذكاة في العين والطرف والرجل. ثم أنزل الله بعد ذلك:
{ اليَومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } [المائدة:5]. والطعام الذبيحة في تفسير مجاهد والناس.
قوله: { وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ }. قال بعضهم: هي حجارة كان يعبدها أهل الجاهلية فيذبحون لها.
قوله: { وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ } قال بعضهم: قِداح كانوا يستقسمون بها في الأمور، فكان الرجل إذا أراد سفراً أخذ قِدحاً فقال: هذا يأمرني بالخروج، وأنا مصيب في سفري خيراً، ويأخذ قِدحاً آخر ويقول: هذا يأمرني بالمكوث، ولست بمصيب في سفري خيراً، والمنيح بينهما، فنُهوا عن ذلك.
وقال الكلبي: إذا كانت بينهما مداراة جعلوا لكل رجل سهماً وللحضر سهماً، ثم أجالوا السهام، فمن خرج سهمه فهو أولى بالحق. وكانوا يجعلون للسفر سهماً وللحضر سهماً، ثم يقولون: ربنا أيهم كان خيراً لفلان فأخرجه؛ فأيهما خرج رضي به.
وقال مجاهد: كانوا يجعلون ذلك لكل سفر وحرب وتجارة.
قوله: { ذَلِكُمْ فِسْقٌ } يعني أن الله حرَّمه.
قوله: { اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }. قال بعضهم: ذكر لنا أنها نزلت على نبي الله يوم عرفة، يوم جمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام وأخلص الله للمسلمين حجَّهم. قال: وفي تفسير بعضهم: فلم يحجَّ بعدُ مشرك.
ذكروا عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية: { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } وعنده رجل من اليهود فقال اليهودي: لو أن هذه الآية نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم جمعة ويوم عرفة.
وقال الكلبي: نزلت يوم عرفة حين فرغ من تنزيل الحلال والحرام فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام، غير أنه في سورة البقرة على رأس ثمانين ومائتي آية:
{ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [سورة البقرة:281]. نزلت هذه الآية بمنى بعد يوم النحر في حجة رسول الله التي يقال لها: حجة الوداع، والآية التي في آخر سورة النساء مُخْرَجَةُ إلى حجة الوداع: { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ }... إلى آخر السورة؛ وكان يقال لها آية الصيف.
وقال الحسن: { اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ } أي يئسوا أن يستحلوا فيه ما استحلوا في دينهم { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ }.
{ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } يعني باليوم زمان النبي عليه السلام كله. { وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } أي بالجنة. قال: { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }.
قوله: { فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ } أي في مجاعة خمص لها بطنه. رجع إلى الكلام الأول في قوله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ }... إلى آخر الآية { غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ } أي غير متعمِّد لإِثم، في تفسير الحسن. وقال بعضهم: غير متعرّض لمعصية الله. قال الله: { فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.