قوله: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } قد فسّرناه في الآية
الأولى. قوله: { وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ } أي: يصدوك { عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ
إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا } يعني اليهود عن بعض ما أنزل الله إليك، أي عن حكم الله الذي
يحكم به محمد { فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } فيقتلهم ويجليهم
ويخزيهم وتؤخذ منهم الجزية بالصَّغَار والذّلّ، ففعل الله ذلك بهم.
ذكروا عن جابر بن عبد الله "أن رسول الله أمر أن يخرج اليهود من جزيرة
العرب" .
ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن عشت إن شاء الله لأخرجن
اليهود من جزيرة العرب حتى لا يبقى فيها إلا مسلم" . فمات قبل أن يفعل.
{ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } يعني اليهود وغيرهم من الكفار، وهو فسق
فوق فسق، وفسق دون فسق، وكفر فوق كفر.
ثم قال: { أَفَحُكْمَ الجَاهِلَيَّةِ يَبْغُونَ } أي: ما خالف كتاب الله وحكمه فهو
حكم الجاهلية. قال: { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } أي لا أحد أحسن
من الله حكماً.
ثم قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ } [أي في
الدين] { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ
الظَّالِمِينَ }.