خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
١١٢
-الأنعام

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلاَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } قال الحسن وغيره: هذا حين قالوا ابعث لنا موتانا نسألهم أحق ما تقول أم باطل، لقولهم: { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا } [الفرقان:21] ولقولهم: { أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً } [الإِسراء:92]؛ يقول: لو فعلنا هذا بهم حتى يروه عياناً { مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } أي لا يعلمون: كقوله: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [الأنعام:37] يقول: أي جماعتهم. يعني من ثبت منهم على الكفر.
قوله: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِْنسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً } قال مجاهد: تزيين الباطل بالألسنة. وقال الحسن: جعل الله أعداء الأنبياء شياطين الإِنس والجن، وهم المشركون: { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً } وهو ما توحي الشياطين إلى بني آدم وتوسوس إليهم مما يغرونهم به.
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } أي لو شاء الله ما أوحى الشياطين إلى الأنس. { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } ثم أوحى بقتالهم بعد. قال بعضهم: كل شيء في القرآن: ذر، وذرهم فهو منسوخ نسخه القتال.
قال الكلبي: بلغنا أن إبليس بعث جنوده فريقين، فبعث فريقاً إلى الإِنس وفريقاً إلى الجن، فإذا التقوا أعلم هؤلاء هؤلاء، وأعلم هؤلاء هؤلاء ما يقولون؛ فذلك قوله: { زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً }، وكل ذلك عداوة من إبليس وجنوده لأنبياء الله وأتباعهم.
ذكروا
"أن أبا ذر قام إلى الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر، تعوَّذ بالله من شياطين الإِنس والجن؛ فقال: يا رسول الله أوللإِنس شياطين كشياطين الجن؟ فقال: نعم" .
ذكر بعضهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: توشك الشياطين أن تجالس الناس في مجالسهم وتفتنهم في الدين.
ذكروا عن عبد الله بن عمر أنه قال: إن شياطين أوثقها سليمان بن داود فألقاها من وراء البحر توشك أن تظهر حتى تقرىء الناس القرآن.
ذكروا أن أبا موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن إبليس اتخذ عريشاً على البحر، فإذا أصبح ندب جنوده فقال: أيّكم فتن اليوم مسلماً ألبسه التاج. قال: فيجيء أحدهم فيقول: لم أزل اليوم برجل حتى سبَّ آخر، فيقول: سوف يصطلحان. ثم يجيء آخر فيقول: لم أزل اليوم برجل حتى عقّ والديه. فيقول: سوف يبرّهما. ثم يجيء آخر فيقول: لم أزل اليوم برجل حتى زنى. فيقول: أنت. ثم يجيء آخر فيقول: لم أزل اليوم برجل حتى سرق. فيقول: أنت. ثم يجيء آخر فيقول: لم أزل اليوم برجل حتى شرب الخمر. فيقول: أنت" .
قال بعضهم: فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة. قال بعضهم: بلغنا أن جهنم موضع البحر.