قوله: { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } أي ابتلى بعضهم ببعض. ابتلى الله
المؤمنين بالمشركين والمشركين بالمؤمنين. { لِّيَقُولُوا } يعني ليقول المشركون
{ أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا } أي: أهؤلاء أفضل عند الله منا؛ قال الله:
{ أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } يقول: إن الله عليم بالشاكرين.
قوله: { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } قال الحسن: يعني هؤلاء الذين أمر
المشركون النبيَّ بطردهم { فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } أمر الله النبي أن يسلم عليهم
من الله.
قوله: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ
مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }. قال بعضهم: كل ذنب عمله العبد فهو بجهالة.
وأما قوله: { ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فقال الكلبي: إن أناساً
من أصحاب النبي من المنظورين إليهم قالوا: يا رسول الله: صدق عمك فاطرد عنا
سفلة الموالي. وفي تفسير الكلبي: إن أبا طالب هو الذي قال له ذلك. قال: فعاتبهم
الله في الآية الأولى. فجاءوا يعتذرون إلى رسول الله من سقطتهم ويسألونه أن يعفو
عنهم فأنزل الله: { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى
نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ }.