خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ
١٤٨
وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
١٤٩
-الأعراف

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ } أي من بعد موسى حين ذهب للميعاد. { مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ }. قال بعضهم: جعل يخور خوار البقرة. وقال مجاهد: خوار فيه الريح.
وقال الحسن: إن موسى عليه السلام لما مضى للميعاد عمد السامري فألقى ما كان معه من الحليّ، وألقى بنو إسرائيل ما كان معهم من الحليّ أيضاً. وكانت معهم تلك الحليّ عوارى استعاروها من آل فرعون ليوم الزينة، يوم العيد الذي وعدهم موسى حيث يقول:
{ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } [طه:59]. وهو قول بني إسرائيل: { حُمِّلْنَا أَوْزَاراً }، أي:آثاماً، { مِّن زِينَةِ القَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ } [طه:87] أي ما معه كما ألقيّنا ما معنا. وكان الله أمر موسى أن يسير بهم ليلاً، فكره القوم أن يردوا العواري على آل فرعون، فيفطن بهم آل فرعون، فساروا من الليل والعواري معهم. فعمد السامري فصاغ عجلاً من ذلك الحليّ؛ قال: وكان صائغاً. قال: وقد كان أخذ تراباً من أثر فرس جبريل يوم قطعوا البحر فكان معه، فقذف ذلك التراب في ذلك العجل، فتحول لحماً ودماً له خوار للبلا. { فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ } [طه:88] أي ولكن نسى موسى إلهه فأضله فذهب في طلبه، وهو عندكم.
قال الله: { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ } يعني العجل { وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } أي طريقاً. { اتَّخَذُوهُ } إلَهاً { وَكَانُوا ظَالِمِينَ } لأنفسهم باتخاذهم إياه.
قوله: { وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ } [أي ندموا] { وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا } أي: لئن لم يفعل ذلك بنا { لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ }. وهي تقرأ على وجه آخر: { لَئِن لَّمْ تَرْحَمْنَا رَبَّنَا } أي لئن لم ترحمنا يا ربنا، صراخ منسوب، { لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ }. قالوا ذلك لما صنع موسى بالعجل ما صنع، فطلبوا التوبة، فأبى الله أن يقبل منهم إلا أن يقتلوا أنفسهم، فَغَلِظَ عليهم في المتاب. وهو قوله:{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ العِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ }. أي إلى خالقكم
{ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ... } إلى آخر الآية. [البقرة:54].