قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ
تَعْلَمُونَ }. قال الكلبي: أما خيانتكم الله فمعصيتُه، وكذلك خيانتكم الرسول هي
معصية الرسول. أما خيانتكم أماناتكم فكل عبد مؤتمَن على ما افترض الله عليه، لم
يطلع عليها إلا الله.
وقال بضعهم: إن أَبَا لُبَابة أشار لليهود إلى النحور حتى لا ينزلوا على الحكم،
[فكانت خيانة منه وذنباً].
وقال الحسن: لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم كما صنع المنافقون
الذين قالوا ولم يعملوا فإنهم خانوا الله والرسول في ترْكهم الوفاء بفرائضه، إذ لم
يستكملوا العمل مع القول. { وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ } يقول: إذا خنتم الله والرسول خنتم
أماناتكم إذ لم توفوا بالعمل الذي أقررتم به مع القول، { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم قد
خنتم. وتخونوا أماناتكم أيضاً فيما بينكم وبين الناس.
قوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } أي بلية، ابتلاكم الله بالأموال
والأولاد لكي تطيعوه فيما ابتلاكم به. { وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي الجنة.
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً }. قال مجاهد:
يجعل لكم فرقاناً، أي حجة. وقال بعضهم: مخرجاً [في الدين من الشبهة
والضلالة]. وقال بعضهم: يجعل لكم نجاة. وقال الحسن: { فُرْقَاناً }. أي: يفرق
فيه بين الحق والباطل، فتعرفون ما أحل لكم وما حرم عليكم. { وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ
سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ } أي ذنوبكم { وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ }.