خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٣٧
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ } قال الحسن: النسيُّ من النسئة، وهو التأخير، كانوا يجعلون هذه الأربعة الأشهر الحرم في عام متوالية، فيجعلون ذا القعدة وذا الحجة والمحرم وصفر، فيقولون: قد أنْسَأْنا العام رجباً، أي أخرناه، فيجعلونها في العام المقبل على منزلتها، فقال الله: { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةً فِي الكُفْرِ }. يقول: إنساؤهم رجباً. أي: تأخيرهم رجباً، وتحريفهم أمر الله زيادة في الكفر، أي زيادة في كفرهم.
{ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ } أي: وهم في ذلك يواطئون العدة فيها ولا ينقصون منها، إلا أنهم يحلّون ما حرّم الله؛ ورجب مما حرّم الله.
قال الكلبي: النسي هو المحرم؛ كانوا يسمّونه صفر الأول. وكان الذي يُحله للناس جنادة بن عوف الكناني. كان ينادي بالموسم: ألا إن صفر الأول حلال، فيحلُّه للناس، ويحرّم صفر مكان المحرم. فإذا كان العامُ المقبلُ حرّم المحرمَ وأحلَّ صفرَ.
ذكروا أن مجاهداً قال: كانوا يحرمون المحرم عاماً ويحرمون صفر عاماً. وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يفعلونه.
وقال بعضهم: كان أناس من أهل الضلالة زادوا صفرَ في الأشهر الحرم؛ فكان يقوم قائمُهم في الموسم فيقول: ألا إن آلهتكم قد حرّمت العامَ صفرَ، فيحرّمونه ذلك العام، فكانا يسمونهما الصفرين. وكان أول من أنسا النسي صفوان بن أمية أبو ثمامة من بني مالك بن كنان، أحد بني فقيم.
وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم منى:
"ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" . وكان هرم يسمى رجب في الجاهلية منتصل الأسنة.
ذكروا أن مجاهداً قال: { يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً } رجب. وذكر ابن مجاهد أن مجاهداً قال: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ليعرف بها الناس النسي، أي: ما ينقص من السنة.
قوله: { زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ } أي ما كانوا يصنعون من ذلك. { وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ } أي: الذين يموتون على كفرهم، أي: لا يكونون بما صنعوا من ذلك مهتدين عند الله.