خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣
إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ
٤
فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-التوبة

تفسير كتاب الله العزيز

قال: { وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ } [أي وإعلام من الله ورسوله]، يعني بالأذان أن يؤذن للناس بذلك. { إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ } أي يوم النحر.
ذكروا عن علي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر فقال:
"هو يوم النحر"
ذكر عن الحسن قال: إنما كان عاماً ولم يكن يوماً، يعني ذلك العام.
ذكروا عن مجاهد قال: وأذان من الله ورسوله إلى الناس كلّهم بالقتال إلا أن يؤمنوا وقال: الحج الأكبر، حين الحج، أيامه كلها.
قوله: { أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي إِن لم يؤمنوا { فَإِن تُبْتُمْ } يقول للمشركين: فإن تبتم من الشرك فأسلمتم { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي عن الله ورسوله وعن دينه { فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ } أي لستم بالذين تعجزون الله فتسبقونه حتى لا يقدر عليكم.
{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي بالقتل قبل عذاب الآخرة.
ثم رجع إلى قصة أصحاب العهد فقال: { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً } أي لم يضروكم شيئاً { وَلَمْ يُظَاهِرُوا } أي لم يعاونوا { عَلَيْكُمْ أَحَداً } من المشركين { فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ } أي إلى الأجل الذي عاهدتموهم عليه من يوم النحر إلى عشر يمضين من شهر ربيع الآخر. { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ }.
قوله: { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } ذكروا عن بعضهم قال: إنه ذكر في أول السورة أهل العهد فقال: { فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ } من يوم النحر خمسين ليلة إلى انسلاخ المحرم لمن لا عهد له. فأمر الله نبيه إذا مضى هذا الأجل في المشركين ممن لم يكن له عهد فقال: { فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ }.
قال: { وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } فأمر بقتالهم في الحلّ والحرم وعند البيت حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وأمره في أهل العهد أن يتم لهم عهدهم أربعة أشهر بعد يوم النحر إلى عشر يمضين من ربيع الآخر، ثم يُقتَلون حيث وَجَدَهم.
قال الحسن: { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ } الأشهر الحرم في هذا الموضع الأشهر التي أُجِّلُوا فيها والتي كانوا يَحْرُمون فيها على المسلمين لأنهم في عهد منها، آخرها عشر ليالٍ يمضين من شهر ربيع الآخر؛ وسمّاها حرماً لأنه نهى عن قتالهم فيها وحرّمه. وقول الكلبي مثل القول الأول، لهم خمسون ليلة إلى انسلاخ المحرّم ثم يقتلون حيث وُجِدوا.
قال: { فَإِن تَابُوا } أي من الشرك { وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ } أي وأقروا بالزكاة، لأن من المسلمين من لا تجب عليهم الزكاة { فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي يغفر لهم الكفر إذا آمنوا. كقوله:
{ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } [الأنفال:38].
وقال بعضهم: في قوله: { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ }... إلى آخر الآية، قال: هم مشركو قريش الذين عاهدهم نبي الله زمان الحديبية، وكان عهدهم أن لا إغلال ولا أسلال. فغلّوا نبي الله ونكثوا العهد وظاهروا المشركين على المسلمين.