خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨١
-يونس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فلمَّا ألْقُوا } ما هُم ملقُون { قالَ مُوسَى ما جئْتُم بهِ } ما موصولة مبتدأ { السِّحرُ } خبر وتعريف مسند، والمسند إليه للحصر، أى ليس للحصر ما جئتم به إلا سحر، وأل للحقيقة، أى السحر متحقق فيما جئتم به صادق عليه، لا فيما جئت به، وسماه فرعون وقومه سحرا، وقال الفراء، وابن عطية: أل للعهد، لأنه قد ذكر منكرا، ويرده اختلاف مدلول سحرين، فإن المعرف سحرهم، والمنكر ما أتى به موسى، إلا إن أراد بالهدية ما أشعر به لفظة سحر، فإن مدلولها حقيقة السحر، ولو كانوا كاذبين.
وقرأ ابن مسعود: ما جئتم به سحر، قال ابن هشام: هذه القراءة مبينة لكون السحر خبرا للمبتدأ انتهى، وكذا قراءة أبىّ: ما أتيتم به سحر، وقرأ أبو عمرو: آلسحر بهمزة الاستفهام ومد الصوت، وكذا قرأ أبو جعفر، قال ابن هشام: فيكون ما مبتدأ استفهامية، وجئتم به خبرا، والسحر خبر لمحذوف، أى هو السحر، أو مبتدأ لمحذوف، أى السحر هو انتهى.
ويجوز كونه بدلا من ما الاستفهامية، وبدل المضمر الهمزة يلى همزا، ويجوز كون ما مفعولا لمحذوف على الاشتغال، أى أىّ شىء أتيتم جئتم به، أو يقدر المحذوف جئتم متعدى بنفسه، وعلى الاشتغال تمتنع البدلية والاستفهام للتحقيق.
{ إنَّ اللهَ سَيبْطِلهُ } يمحقه، أو يظهر بطلانه على يدىَّ، وهذا مستأنف، ويجوز جعل السحر مبتدأ وهذا خبره { إنَّ اللهَ لا يُصْلح عَمَل المفْسِدينَ } لا يثبته ولا يحسنه، وهذا تعليل للإبطال، والمفسدون على عمومه، أو أراد به السحرة، فالأصل لا يصلح عملكم، وعبر بالظاهر ليدل على أنهم مفسدون، وذلك قبل أن يؤمنوا، وكذا الكلام فى المجرمين بعد، على أن ذلك من كلام موسى، وأما على أنه من كلام الله، فالمراد من هو مفسد ومجرم لا السحرة، لأنه فى علمه فيؤمنون على أن سماهم بذلك لظاهر عملهم، كما سمى المشرك الذى سبق فى علمه أنه سيؤمن مشركا.