خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
٦٩
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولَقَد جَاءتْ رُسُلنا } ثلاثة من الملائكة عند ابن عباس، وعطاء: جبريل وميكائيل، وإسرافيل، واختاره بعض لأنه أقل الجمع، ويرده أن احتمال الأكثر باق، وقال الضحاك: تسعة، وقال مقاتل: اثنا عشر، وقال محمد بن كعب: ثمانية أحدهم جبريل، وقال السدى: أحد عشر، وهم بصور غلمان حسان الوجوه.
{ إبْراهِيمَ بالبُشْرى } بشارة الولد، وقيل: بشارة بإهلاك قوم لوط، واختبر الأول { قالُوا سَلاماً } سلمنا، أو نسلم عليك سلاما، فهو مفعول مطلق، والمراد الإنشاء، ويجوز أن يكون مفعولا به، أى ذكروا سلاما، والجملة جواب سؤال، كأنه قيل: ماذا قالوا؟ فقال: قالوا سلاما.
{ قالَ } إبراهيم جواب لسؤال، كأنه قيل: فماذا قال إبراهيم بعد سلامه؟ فقال: قال { سَلامٌ } مبتدأ محذوف لخبر، أى عليكم سلام، أو خبر لمحذوف، أى جوابى سلام، أو أمرى سلام، أو أمركم سلام، وفى هذا ضعف، ووجد جوازه إذ رد السلام عليهم أمر من أمورهم، إذ كان متعلقا بهم، وقرأ حمزة والكسائى هنا، وفى الذاريات: { قالوا سلاما قال سلام } بكسر السينين وإسكان اللامين، والمعنى إيتاء السلام، كحرم وحرام، أو المراد ضد الحرب، والأصل واحد، فإن فى ضدها سلامة، وعلى كل قراءة وجواب إبراهيم أفضل من جوابهم، إذ أتى بالجملة الاسمية، فذلك من كرمه.
{ فما لَبِثَ } ما أبطأ أو ما تأخر، وفاعله ضمير إبراهيم { أنْ جَاءَ } أى بأن جاء، أو فى أن جاء، أو عن أن جاء، وسواء فى ذلك أول مصدر منصوب على حذف الخافض، أو مجرور على تقديره، ويجوز كونه فاعلا أى ما أبطأ مجيئه، أو ما تأخر مجيئه { بعجْلٍ } ولد البقرة، وكان عامة ماله البقر { حَنيذٍ } أى محنوذ بمعنى مشوى على الرضف، وهى الحجارة المحماة، كما يفعل أهل البدو، أو قيل: هو المغطى بحجارة أو رمل محمى، أو حائل بينه وبين النار يغطى به، والمعرض الذى يصفف على الجمر ويسمى الصفيف، والمصهب الذى بينه وبين النار حائل، يكون للحلم عليه لا مدفونا به، وقيل: اللحم الضعيف الشى، والشواء يعم ذلك، ويعم المشوى بالنار الموقد بلا حائل، والمطهو المشوى أو المطبوخ، والقدير المطبوخ فى القدر.
وقيل: الحنيذ الذى يقطر ودكه، من حنذت الغرس إذا ألقيت عليه جلا على جل ليتصبب عرقا، كما يدل عليه قوله:
{ { بعجل سمين } }. قال فى عرائس القرآن: مكث إبراهيم خمسة عشر يوما لم يأته ضيف، وشق ذلك [عليه] وكان يحب الضيف، ولا يأكل إلا معه، ولما أتوه على صور الرجال فرح بهم، لم ير ضيفا مثلهم حسنا وجمالا فقال: لا يخدمن هؤلاء إلا أنا، فخرج فأمر بعجل سمين يذبح فذبحه وعجله إليهم انتهى بتصرف.