خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
٧٦
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يا إبْراهِيم أَعْرِض عَنْ هَذا } أى الجدال، فالجملة محكية بقول محذوف { إنهُ } تعليل جلى { قَدْ جاء أمرُ ربِّكَ } قدره بهلاكهم على وفق قضائه فى الأزل، فلا ينفع دعاؤك وجدالك، وما زلت أفهم وأعتقد أن الدعاء إنما أمرنا به، فإن الله سبحانه وتعالى قضى أن فلانا يصيبه خير كذا، أو يدفع عنه شر كذا، أو أن تلك الإصابة أو الدفع إنما يكون بدعائه، وإن ذلك الدعاء واقع لا محالة، وهو أيضا جملة قضاء الله، فذلك فائدة الدعاء، مع أن القدر لا يرده الدعاء، وما لم يجب فيه المؤمن فقد عوض له فيه شئ فى الدنيا، أو فى الآخرة أو فيهما قضاء الله أن يصيبه بدعائه، فاعتبر ذلك بأنك يضربك إنسان بسيفه فترد عنك بترسك أو وقايتك، فقد قضى الله أن لا يصيبك سيف، وقضى أن سبب عدم إصابته إياك تحفظ بالترس أو الوقاية، فكذا الدعاء، حتى رأيت بعض ذلك فى النزالى ذكره فى الإحياء، وإذا تبين قضاء الله بوحى مثلا لم يجز الدعاء بما يخالفه، ولم يكن منفعة فيه، وإنما يجوز قبل تبينه، فإن الأمر مبهم ولذلك أمره بترك الدعاء والمراجعة فى أمر قوم لوط، وعللوه بمجئ أمر الله كما مر، فإن عذابه لا يرد، لأنه قضى به كما قال:
{ وإنَّهم آتيهمْ } اسم فاعل للاستقبال خبر لأن { عَذابٌ } فاعله كما تقول: الزيدون يكرمهم الرجل، ويجوز كون الوصف فى ذلك خبرا مقدما والمرفوع بعده مبتدأ، وكونه مبتدأ والمرفوع بعده خبر والجملة خبر { غَيْر مَردُودٍ } بدعاء ولا جدال ولا بغيرهما.