خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كأنْ لَم يغْنَوا فِيهَا } كأنهم لم يلبثوا فى ديارهم قط، وذكر بعض أن الغنى فى المكان اللبث فيه بنعمة وخفض عيش { ألاَ بُعداً } هلاكا كالبعد بفتح الباء والعين، وهما من بعد بكسر العين بمعنى هلك، فالبعد بالضم والإسكان مشترك بين بعد كعلم بمعنى هلك، وبعد ككرم نقيض قرب، أو البعد بفتحتين مختص بالأول وهما مصدران، وأصل الفعلين واحد وهو نقيض القرب، لكن ميزوا البعد الموجب للهلاك بالكسر فى الفعل، ثم استعمل فى نفس الهلاك، أو البعد من جهة الهلاك، فإن الهالك لا يرد كلاما ويتفتت ويغيب بالدفن فلا يرى.
{ لمدْيَن } لأولاد مدين، أو للقبيلة المسماة باسمه، أو لأهل القرية المسماة باسمه { كَما بَعُدَت } هلكت، وقرأ السلمى وأبو حيوة بعدت بضم العين على الأصل اعتبارا لمعنى البعد من غير تمييز للهلاك، كما يقال: ذهب فلان ومضى فى معنى الموت.
وقال ابن الأنبارى: من العرب من يسوى بين الهلاك، والبعُد الذى هو ضد القرب فيقول فيهما: بعُد يبعُد ككرم يكرم، وبعِد يبعَد كعلم يعلم، وقيل: المعنى: ألا بعداً لمدين من رحمة الله، كما بعدت ثمود منها، ولا يدعى بالبعد نقيض القرب، إلا على مبغض، وشبه هلاك قوم شعيب بهلاك ثمود لأنهما [هلكا] بالصيحة كما مر.