خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ
٩
-يوسف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ اقْتلُوا } إلى آخره من جملة المحكى بقوله: { إذ قالوا } أطبقوا على قتله إلا من قال: لا تقتلوا يوسف، وقيل الآمر بالقتل شمعون، وقيل: دان، والباقون راضون، فجعلوا الأمرين، وقيل: إن الآمر بقتله أجنبى شاوروه فهو محكى بقول محذوف، أى قيل اقتلوا الخ وهو ضعيف، وربما دللـه تقييد القائل لما كان منهم بقوله: { منهم } إذ قال قال قائل منهم لا تقتلوا، وروى أنهم تشاوروا فى دار روبيل وتحدثوا.
{ يُوسفَ أو اطْرحُوهُ أرضاً } ظرف مكان مبهم، وهو ما ليس له حد يحصره، ولا أقطار تحويه، وإنما يقبل النصب على الظرفية من أسماء المكان ما كان كذلك، وقيل: هو منصوب على نزع الخافض، وهو فى حد قولك فى الشعر أو النادر: مررت زيدا والأول أولى لوجود شرط النصب على الظرفية المكانية، وهو الإبهام، لأن المراد قطعة مجهولة بعيدة من العمران، وذلك وجه التنكير وعدم وصف.
{ يَخْلُ } جواب الأمر { لكُم وجْهُ أبِيكُم } أى يخل لكم أبوكم ووجه الشئ نفسه، تقول: فعلت كذا لوجه الله، أى لله بنفسه، فإذا قتلناه أو طرحناه أرضا فافترسه سبع أو مات فيها فيئس منه تمحض لنا أبونا، وخلصت محبته لنا، ولم يشاركنا فيها يوسف، فضلا عن أن يذهب بمعظمها كما كان، أو أرادوا أيخلوا وجهه لهم إقباله عليهم وحدهم، فكنوا بالوجه عن الإقبال، لأن الإقبال يكون بالوجه، وقيل: يفرغ لكم من اشتغاله يوسف وما صدق ذلك كله واحد.
{ وتَكُونوا مِنْ بَعْده } أى من بعد يوسف، أى من بعد كفايته بالقتل أو الطرح، أو الهاء عائدة إلى القتل أو الطرح المفهوم من اقتلوا واطرحوا، أى وتكونوا من بعد فعلكم به إحدهما، أو الخلو المفهوم من يخلُ، وحذف النون جزما بالعطف على يخلُ أو بالنصب بإضمار أى بعد واو المعية فى جواب الأمر، لجواز المجئ بجوابين: أحدهما حال من الواو والفاء مجزوم، والآخر مقرون بأحدهما منصوب، وذلك فى جواب الطلب، أو النصب عطف على مصدر متوهم، أى إن فعلتم ذلك يحصل خلو وجه أبيكم لكم، وكونكم من بعده الخ.
{ قَوماً صَالحينَ }: بأن تتوبوا إلى الله مما فعلتم من قتله أو طرحه، قال بعضهم: مهدوا التوبة من الذنب قبل مواقعته، وقيل: تكونوا صالحين مع أبيكم لعذر تمهدونه، وبه قال مقاتل، وفى أمر دنياكم، فإنه ينتظم لكم بعده.