خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٤
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَا أرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } بلغتهم وقرئ بلسن بكسر اللام وإِسكان السين بمعنى اللغة أيضاً كالريش والرياش وقرئ بلسن بضمهما وقرئ بلسن بضم اللام وإِسكان السين وهو على هاتين القراءتين جمع لسان كعمد بضمتين وعمد بضم فإِسكان أو الإِسكان تخفيف عن الضم والهاء لرسول، أى كل رسول بلغة قومه ووجه الجمع أن ألسنة القوم الواحد قد تختلف أو أن نطق كل أحد غير نطق الآخر. { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } ما أمروا به فيفهموه عنه بسهولة وسرعة ثم ينقلوه ويترجموه لمن خالف لغتهم ولم يرسل إِلى غير قومه بلغة ذلك الغير، لأَن قومه أولى به لأَنه فيهم ومنهم فهم أحق بدعوته وإِنذاره ولذا أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإِنذار عشيرته أولا، ولو أنزل الكتاب الواحد على لغة كل قوم لكان أعظم فى الإِعجاز لكن يكاد يكون ذلك جبراً على الإِيمان وإِلا لأَدى إلى التحريف والتبديل واختلاف الكلمة ولغات أجر الاجتهاد والكد فى تعلم الأَلفاظ والمعانى والعلوم المتشعبة منها.
وقال الضحاك الهاء فى قومه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإِن كتب الله كلها منزلة بلغة قومه وهم قريش أو العرب ثم ترجمها جبريل أو كل نبى بلغة المنزل عليهم ويرده أن الهاء فى لهم عائدة إلى القوم وقد فرض أن القوم قريش أو العرب فيلزم أن يكون المعنى ليبين كل رسول لقريش أو العرب، وهذا لا يصح لأَن نحو التوراة والإِنجيل لم ينزل ليبين للعرب بل للعجم وإِن رد الهاء فى لهم للأَقوام قوم كل رسول كان أشد تكلفاً، فإِن صح أن كل كتاب من الله بالعربية فبدليل آخر لا بالآية هذه. { فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَآءُ } يخذله عن الإيمان. { وَيَهْدِى مَنْ يَشَآءُ } يوفقه وأما كل رسول فما عليه إلا التبيين لقومه. { وَهُوَ الْعَزِيزُ } لا يغلبه شىء عما أراد فى ملكه من انتقام وإِنعام وإِعزاز وإِذلال وغير ذلك كإِضلال وهداية. { الحَكِيمُ } فى كل ما يقول أو يفعل فلا يضل أحدا ولا يهدى آخر إلا لحكمة.