خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ
٤٢
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ } يا محمد. { اللهَ غَافِلاً } أى دم على ما أنت عليه من عدم حسبانك الله كقوله ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إِلهاً آخر، أى دم على عدم كونك من المشركين وعدم كونك داعياً مع الله إِلهاً آخر فى أحد أوجه وذلك أن الغفلة معنى مانع من الوقوف على حقيقة الأَمر وإِن شئت فقل سهو يعترى الإِنسان من قلة التحفظ واليقظة والله تعالى منزه عن ذلك ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلم الخلق بالله وصفاته وبما تنزه عنه فلا يتوهم أن الله جل جلاله يغفل فضلا عن أن ينهى عن ذلك فظهر أن المراد كما مر دم على ما أنت عليه من عدم حسبانك الله غافلا. { عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } لأَنفسهم وغيرهم بالشرك والقلق والمعاصى بل هو عالم بما يعملون وسيجازيهم أو أراد بالنهى عن ذلك الحسبان الإِعلام بأَنه تعالى عالم بما يعملون لا يخفى عنه شىء وإنه يجازيهم على القليل والكثير أو أراد لا تحسبنه يعاملهم معاملة الغافل بل معاملة الرقيب المحاسب على النقير والقطمير والفتيل ويجوز أن يكون الخطاب فى لا تحسبن لكل من يصلح له فيشمل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد علمت كيفية نهيه عن ذلك الحساب ويشمل غيره ممن عرف الله وصفاته والكلام فى كيفية نهيه كذلك ويشمل من لم يعرفه بصفاته أو عرفه وكان متزلزلاً فبالنهى على ظاهره أى اترك ذلك الحسبان الذى أنت فيه، وقال سفيان عن عيينة ذلك تسلية للمظلوم وتهديد للظالم على الإِطلاق فقيل له من، قال هذا فغضب. وقال: إنما قاله من علمه، { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ } وقرأ أبو عمر وإِنما تؤخرهم بالنون فى رواية غير مشهورة وفيها التفات وعلى كل حال فالمعنى يؤخر أو نؤخر عذابهم أو جزاءهم فحذف المضاف { لِيَوْمٍ } أى إِلى يوم أو لأَجل يوم معدود لهم أو اللام مثلها فى قولك صِنعت السرج للدابة واشتريت الباب للدار { تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } أى أبصارهم أو الأَبصار منهم أو مطلق الأَبصار وهو الراجح وشخوص البصر أن يبقى مفتوحاً ناظراً إِلى جهة واحدة لا يعرض عنها وذلك لفرط الحيرة والدهشة من هول ذلك اليوم ويجوز أن يراد بالشخوص انتقال البصر من جهة إِلى أُخرى لإِحاطة الهول من كل جهة.