خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ
٤٣
-إبراهيم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ مُهْطِعِينَ } مسرعين من قبورهم إِلى إِسرافيل إِذ يدعوهم من صخرة بيت المقدس وهم مع ذلك فى ذل واستكانة كإِسراع الأَسير ونحوه وذلك مخالف لحال الدنيا فإِن الشاخص فيها يبقى واقفاً وذلك هو الراجح، وبه قال سعيد بن جبير وأبو عبيدة وقتادة وقيل المهطع الخضيع. وعن ابن عباس الإِهطاع شدة النظر إِلى جهة واحدة وعليه فهو حال مؤكدة للشخوص وأصله الإِقبال على الشىء ولذلك فسر بالإِسراع وأن الإِسراع إِقبال وفسر بشدة النظر لأَنه إِقبال بالعين وأجازهما أبو عبيدة وقال ابن زيد المهطع الذى لا يرفع رأسه. { مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ } رافعيها إِلى جهة السماء. قال الحسن وجوه الناس يومئذ إِلى السماء لا ينظر أحد إِلى أحد قيل وذلك بخلاف العادة لأَن من يتوقع يطرق ببصره إِلى الأَرض ويحتمل أن يكون ذلك للهول الآتى من جهة السماء كنزول الملائكة وتقطع السماوات وعلى تفسير ابن زيد يكون مقنعى حال مؤكدة للتى قبلها لأَنه يفسر الإِقناع بخفض الرأس من الذل كما ذكر مكى عن المبرد { لا يَرْتَدُّ } لا يرجع والافتعال هنا للمبالغة الراجعة إلى النفى أى انتفى الارتداد انتفاء بليغاً وللمطاوعة رد بأَن يهموا بالرد فلا يطاعون أو بأَن من شأنهم أن يعملوا فى الرد فكأنهم عملوا فلم يطاوعوا. { إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } بصرهم هيبة وخوفاً فهو شاخص لا يطرف ويجوز أن يكون المعنى لا يرجع إِليهم نظرهم فينظروا إِلى أنفسهم لشدة الحال والجزع والحذر. { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءُ } خلاء وهو الفسحة التى بين السماء والأَرض لم يشغلها جسم وإِنما أخبر به لتضمنه معنى الخالى كأَنه قيل أفئدتهم خالية عن الفهم كما هو شأْن المتحير الدهش، وقال ابن جريج أفئدتهم خالية من الخير والحق. وقال ابن عبيدة خالية من العقل، وقال قتادة: مواضع أفئدتهم خالية بانتقال الأفئدة عنها إِلى حناجرهم لا تخرج ولا تعود إلى مواضعها، وقال سعيد بن جبير: أفئدتهم ذات هواء بمعنى أنها مترددة تهوى فى أجوافهم ليس لها مكان تستقر فيه ويحتمل أن يكون شبه الأَفئدة بالهواء الذى هو الريح فى شدة الاضطراب لشدة الهول.