خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ
٥٠
-الحجر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَنَّ عَذَابِى } لمن لم يتب { هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ } الموجع وهذا تقرير لقوله وإِن جهنم لموعدهم أجمعين كما أن قوله أنى أنا الغفور الرحيم، تقرير لقوله إِن المتقين فى جنات وعيون ولم يقل وأنى أنا المعذب العذاب الأَليم، كما قال: أنى أنا الغفور الرحيم ترجيحاً لوعد على الوعيد وتأْكيداً له، روى أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال: "أتضحكون وبين أيديكم النار" ، فنزل { نبىء عبادى أنى أنا الغفور الرحيم، وأن عذابى هو العذاب الأَليم }، وقال: أتقنط عبادى، وأضاف العباد لنفسه تشريفاً كما أنه لما أراد تشريف نبيه بالإسراء لم يزد على أن سماه عبداً. سبحان الذى أسرى بعبده، وبالغ فى المغفرة والرحمة بصفتى المبالغة فعول وفعيل وبأن وبأنا قيل وبالحضر بتعريف الطرفين قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ "خلق الله مائة رحمة فأَمسك عنده تسعاً وتسعين وأرسل واحدة لعباده، فلو علم الكافر بكل الذى عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو علم المؤمن بما عنده من العذاب لم يَأمن النار" ، وفى رواية "لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع عن حرام، ولو يعلم قدر عذابه لنجع نفسه أى قتلها" ، وفى الجمع بين ذكر المغفرة والرحمة، وذكر العذاب تعديل فى طريق الخوف والرجاء وأشهد عليهما رسوله تأْكيداً لهما معاً، قال الغزالى: ومن الآيات اللطيفة الجامعة بين الخوف والرجاء قوله سبحانه { نبىء عبادى أنى أنا الغفور الرحيم وإِن عذابى هو العذاب الأَليم } لئلا يستولى عليك الرجاء بمرة وقوله شديد العقاب مع قوله قبل غافر الذنب وقابل التوبة وقوله بعد ذى الطول فذكره بعد ذكر غفران الذنب وقبول التوبة لئلا يستولى عليك الرجاء وذكر بعده الطول لئلا يستولى عليك الخوف وأعجب من ذلك قوله تعالى: { { ويحذركم الله نفسه } ثم قال { { والله رءوف بالعباد } وأعجب منه قوله تعالى: { { من خشى الرحمن بالغيب } فتعلق الخشية بالرحمن دون شديد العقاب أو الجبار أو المنتقم ونحو ذلك تخويفا فى تأمين وتحريكا فى تسكين انتهى بتصرف.