خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ
٩٥
-الحجر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } بإِهلاكهم وهم خمسة بالغوا فى الاستهزاء برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يبعد أن يراد أيضاً بقوله كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا.. إلى آخره بخصوصهم فقط أهلكوا قبل نزول هذه الآية فإِنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو استخفى هو وأصحابه لكنهم قد علموا بهم فكانوا يبالغون فى الاستهزاء به فذكر الله هذه الكفاية امتناناً وتذكيراً للنعمة، وقيل نزلت قبل هلاكهم أى إِنا قد ضمنا لك كفايتهم الأَول الوليد بن المغيرة والثانى العاص بن وائل والثالث الأَسود بن عبد يغوث، والرابع الأَسود ابن المطلب والخامس الحارث بن الطلاطلة ذوو شأْن وشرف، روى "أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حول الكعبة عند المقام قائماً فقام جبريل بجنبه فمر به الوليد فى طوافه وهو من بنى مخزوم وهو الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وكان رأسهم، فقال له جبريل عليه السلام كيف تجد هذا يا محمد. فقال: بئس عبد الله. فقال قد كفيته فأومى إِلى ساقه. ومر به العاص بن وائل فى طوافه وجده هو هشام بن سعد بن سهم فهو سهمى، فقال: كيف تجد هذا يا محمد. فقال: بئس عبد الله فأَشار إِلى إِخمص رجليه وقال: قد كفيته ومر به الأَسود بن عبد يغوث فى طوافه وجده هو وهب ابن مناف بن زهرة فهو زهرى، فقال: كيف تجد هذا يا محمد. قال بئس عبد الله على أنه خالى، وروى أنه ابن خاله وابن الخال كالخال فقال: قد كفيته فأشار إِلى بطنه ومر به الأَسود بن المطلب أبو هيات وجده هو أسد ابن عبد العزى فهو من بنى أسد فقال كيف تجد هذا يا محمد. قال: بئس عبد الله فقال قد كفيته فاشار إِلى عينيه ومر به الحارث بن الطلاطلة السهى مولى الغيطلة" وقال البغوى الحارث بن قيس بن طلاطلة، وقال ابن الجوزى الحارث بن قيس غيطلة، قال الزهرى: غيطلة أمه وقيس أبوه هو عم عبد الله ابن الزبعرى، "فقال كيف تجد هذا يا محمد. فقال: بئس عبد الله، فقال: كفيته، فأَشار إِلى رأسه وقيل الرابعة، فقال: كيف تراهم يا محمد. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أصح أجسامهم يا جبريل، فقال جبريل: يا محمد إنك لا تمسى غدا ومنهم رجل حى وكان قد أشار إِلى موضع من جسد كل يموت به" ، مر الوليد برجل من خزاعة يركب الريش فى النبل وعليه برد يمانيى يجره خيلا فتعلقت رشطية من النبل به ومنعه الكبر أن يطأطىء برأسه لينزعها فجعلت تضربه فى ساقه فخدشته ومرض منها فمات، وروى أنها قطعت منه عرق النساء فمات، وروى أصابت كحله، وروى أنه أصابت ذيله شوكة فمنعه الكبر من أن يهوى لقلعها فضربها بالسوط فأصابت رجله فتآكلت ومات منها، وخرج العاص على راحلة يتنزه على أثر الغيث والسيل فى شعبة من شعاب مكة وقد أصاب أهل مكة مطر شديد فى ليلة يومه ومعه أبناؤه فوطىء شبرقة فدخلت منها شوكة فى أخمص رجله فقال لدغت.. لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيئاً فانتفخت حتى صارت كعنق البعير فمات مكانه، وروى أنها صارت كالرحى، وروى ما مات حتى تساقط لحمه عضواً، وروى أنه أتى شعبة من الشعاب فأَناخ بعيره فضربته حية فى رجله فانتفخت كعنق البعير فنادى قتلنى رب محمد، فطلبوا الحية ولم يقدروا عليها أعنى لم يظفروا بها فحملوه على سرير ينادى: قتلنى رب محمد، فمات من يومه، وقعد الأَسود بن عبد يغوث فى أصل شجرة فجعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك ومعه غلامه فاستغاث به، فقام ما أرى أحد يصنع بك شيئا غير نفسك فمات وهو يقول: قتلنى رب محمد، وروى أنه أصابه استسقاء يسمى الرقى وهو امتلاء الأَمعاء بالماء الفاسد المبطل للحال العزيزى المهلك من قريب، وقال الكلبى انطلق إِلى بعض مياه كنانة فجعل يحذرهم من النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وينهاهم عن أتباعه، فقال لهم: إِن قلتم إن محمداً ساحر فقد صدقتم وإِن قلتم إِنه مجنون فقد صدقتم هو كذلك ومن قتله فله مائة من الإِبل ثم رجع إلى أهله فشوه الله خلقه فصار أسود حبشياً فلم يعرفه أهله واغلقوا الباب دونه فجعل يقول أنا الأَسود بن عبد يغوث فقالوا: كذبت أنت سارق اخرج عنا فطردوه وأغلقوا الباب دونه فجعل يطوف فى شعاب مكة وينادى ويهذى ويقول: قتلنى رب محمد حتى مات، وروى أنه قال من رفعه إِلينا فله مائة من الإِبل، وهذا يقتضى أن ذلك بعد ما غاب عنهم للهجرة، وأما الأَسود بن المطلب فأَعماه الله، قال ابن عباس: رضى الله عنهم رماه جبريل بورقة خضراء فذهب بصره ووجعت عيناه وجعل يضرب برأسه الجدار حتى هلك، وفى رواية أنه كان له ابن يسمى زمعة وكان أبر إِنسان بأَبويه وكان يتجر بالشام وكان إِذا خرج من مكة إِلى الشام قال لأَبيه: أصل الشام فى كذا وكذا. وأنزل مكان كذا فى طريقى وأنا عندك يوم كذا ضحوة أو نصف النهار ولا يكاد يخلف فقال أبوه لغلامه فى ذلك اليوم الذى وعده المجيء فيه وقد احتبس عنه انطلق بنا إِلى الثنية ننتظر زمعة، فطلعا على الثنية فقال لغلامه انظر هل ترى شيئاً؟ فقال: ما أرى شيئاً، ثم قال: انظر فإن رأيت شيئاً أو سواداً فهو ابنى زمعة، فقال: قد رأيت سواداً، فقال انطلق بنا إِليه فانطلقنا فإِذا سمرة فانتهيا إِليها فجعل جبريل عليه السلام يضرب وجهه بأَغصان تلك الشجرة حتى سالت حدقتاه وينادى يا غلام أدركنى، فإِن رب محمد قتلنى، فقال: ما أرى أحداً إِنما تضرب وجهك فمات فاطلع ولده قادماً من الشام، وأما الحارث فامتخط رأْسه قيحاً فمات، وقال ابن عباس أكل مليحاً من السمك ليلا فأَخذه عطش شديد حتى أصبح وفى بيته من ادة من ماء فجعل يشرب ولا يرى وكلما تنفس قال: قتلنى رب محمد حتى شرب ماءها كله فانفتق بطنه فمات، وفى رواية أن جبريل قال: لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين مروا به كفيتهم ولم يشر إِليهم حينئذ بل أشار إِلى كل فى حين قرب أن يصيبه الضر. وروى أن الأَسود ضرب بعض شوك على عينيه حتى سالت فكان يقول دعا على محمد فأَجاب الله له أن أعمى فأَعمانى ودعوت عليه أن يموت طريدا مع يهود يثرب وسراق الحاج فأَجاب الله لى فكان كذلك فهم خمسة أهلكهم الله وكان خمسة آخرون نقضوا الصحيفة التى كتبتها قريش على أن لا يبايع آل النبى ولا يناكحون ولا يجالسون ولا يطعمون وقد ذكرت قصتهم فى غير هذا الموضع قال البوصيرى:

فديت خمسة الصحيفة بالخمسة إِن كان للكرام فداء

وقال ابن اسحاق هم المستهزئون الذين قذفوا فى قليب بدر كأَبى جهل.