خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
١٠١
-النحل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } بالنسخ فجعلنا آية ناسخة مكان آية منسوخة لفظاً أو حكماً أو قيماً { وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } جملة معترضة بين الشرط والجواب وهو قالوا توبيخاً للكفار على قولهم وتقريعاً عليهم وتنبيها على فساد قولهم أو حال من الضمير فى بدلنا على طريق الالتفات من التكلم للغيبة والمعنى وإِذا نسخنا آية بآية ونحن أعلم بما ننزل من المصالح من نسخ آية بأُخرى وغيره، بحسب الحوادث بالشىء مصلحة أمس مفسدة اليوم فينسخه اليوم، ورب شىء مفسدة أمس نهى عنه، مصلحة اليوم أمر به، وقد كان ينسخ الأَهون بالأهون والأَشق بالأَشق والأَهون بالأشق والأَشق بأَهون للمصلحة، ألا يرون الطبيب الماهر يأْمر بدواء فى وقت وينهى عنه فى وقت وبالعكس باعتبار أنه مصلحة فى وقت مفسدة فى آخر. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وينزل بإِسكان النون وتخفيف الزاى والمعنى واحد، ومنع بعض المعتزلة نسخ الأهون بالأَشق لأَنه لا مصلحة فى الانتقال من سهل إِلى عسر، وهو مبنى على انه لا بد من مراعاة مصلحة المكلف فالتحقيق أنه لا يلزم ذلك، وقيل لا يلزم تفصيلا لا عموماً ولئن سلمنا لنقولن أن فائدة الانتقال من سهل إِلى عسر كثرة الثواب، ومن نسخ أهون بأهون نسخ التوجه لبيت المقدس بالتوجه إِلى الكعبة، ومن نسخ الأَشق بالأهون نسخ العدة بالحول فى الوفاة بأَربعة أشهر وعشر، ونسخ بثبوت الواحد لعشرة بثبوته لاثنين فى: إِن يكن منكم عشرون. الآية ـ ومن نسخ أهون بأشق نسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية بتعيين الصوم. قال الله تعالى: { { وعلى الذين يطيقونه فدية } }.. الخ. وقيل التقدير لا يطيقونه ومن ذلك قوله تعالى: { { واللذان يأْتيانها منكم } ـ الآية. ثم قال: { { واللاتى يأْتين الفاحشة من نسائكم } }.. إِلى قوله سبيلا.. ثم أنزل الزانية والزانى الخ.. أول ما نزل آية الأَذى ثم آية الحبس، ثم آية السبيل. كذا قيل فى تمثيل ويجوز النسخ بلا بدل لكن لم يقع عند الشافعى وقيل وقع، كنسخ وجوب تقديم الصدقة على مناجاة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأجيب بوقوع البدل وهو الجواز باستحباب، وقال بعض المعتزلة لا يقع لأَنه مصلحة فيه، وأُجيب بعدم لزوم مراعاتها وعلى لزومها فهى موجودة إِذ فى الراحة من التكليف بذلك الحكم مصلحة وهى السلامة من عدم الإِخلال به والتهاون فيترتب عليه الدم عاجلا والعقاب آجلا { قَالُوا } أى كفار مكة { إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ } كاذب على الله سبحانه وتعالى تأْمر بشىء اليوم وتنهى عنه غداً يسخر باصحابك فنأْتيهم بما هو أهون صرفاً للمشقة عليهم، ولو كان ذلك من الله لم يختلف ولقد كذبوا فإِنه ينسخ الأهون بالأَشق والأَشق بالأهون والمثل بالمثل ولكنهم بعدوا عن العلم بمصلحة النسخ وحكمته، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ } فى التعبير بالأَكثر مثل ما مر { لاَ يَعْلَمُونَ } حكمة النسخ ومصلحة وحقيقة القرآن أو لا يعلمون الخطأَ من الصواب.