خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٧١
-النحل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِى الرِّزْقِ } وما ينتفع به من مأكول أو مشروب أو غيرهما فوسع على بعض وضيق على بعض ووسط لبعض وجعل أهل كل درجة متفاوتين ورزق بعضاً نوعاً من المال وبعضا نوعا آخر وبعضا كلا النوعين وجعل رزق بعض لذيذا شهيا ورزق بعضا خشنا ورزق بعضا متوسط وجعل بعضا يلى رزقه ورزق غيره كعياله ومماليكه وبعضا يلى رزقه فقط كما خالف بينكم فى الأَعمار والعلم والجهل والعقل والصحة والسقم والحسن والقبح، وزمان الإِيجاد وزمان الإِماتة وغير ذلك بمقتضى الحكمة { فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } وهم السادات فإِن السادات مع عبيدهم وإِمائهم بعض ما شمله قوله: والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق وما نافية والذين اسمها والباء فى قوله جل جلاله { برَادِّى رِزْقِهِمْ } صلة للتأكيد فى خبر ما. وهذا أولى من إِهمال ما، وكون الباء صلة فى خبر مبتدأ ورادى جمع مذكر سالم حذفت نونه للإِضافة والمفرد راد اسم فاعل { عَلى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } من عبيد وإِماء والمعنى ليس السادات يردون من أرزاقهم على مماليكهم إِذا أنفقوا عليهم بل ما ينفقون عليهم أرزاق لهم أجراها الله على أيدى ساداتهم { فَهُمْ } السادات والمماليك { فِيهِ } أى فى الرزق { سَوَاءٌ } مستوون فى أن لكل منهم رزقا مخصوصا هو به لا ينقص به ولا يزاد فيه سواء كان سيدا ومملوكا وإِن رازق كل هو الله، كذلك ظهر لى ثم ظهر لى أن القاضى ذكره والحمد لله تبعا للزمخشرى وجملة هم سواء من لوازم قوله فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم أو مقررة له كما قال القاضى والفاءان عاطفتان ويصح الاستئناف وقيل المعنى أن الله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فلم تردوا رزقكم على مماليككم بإشراككم إِياهم فيه أو تمليككموهم إِياه ولم يرضوا بذلك حتى تكونوا أنتم وهم فيه سواء مشركة أو أملاك فكيف ترضون أن تجعلوا من هو مخلوق لله سبحانه ومملوك له شريكا له فى العبادة والأَنعام والحرث وهو الصنم فذلك كقوله تعالى { { ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت } إلخ وهو قول ابن عباس وجرى عليه الطبرى وعليه فالفاء عاطفة كما مر أو الاستئناف أو فيها معنى حتى الابتدائية أو معنى قولك ما كان كذا فضلا عن أن يكون كذا ومعنى فاء السببية الواقعة قبل المضارع فى جواب النفى ويجوز أن يكون المعنى أن الله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فلم تعطوا منه مماليككم مثل ما تعطون لأَنفسكم فتستووا أنتم وهم فيه مع أنه ينبغى أن تفعلوا ذلك ولم تفعلوه قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إِخوانكم خولكم جعلهم الله قنية تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه فإِن كلفه ما يغلبه فليعنه" ، رواه أحمد والبخارى ومسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه عن أبى ذر فما رأى أبو ذر بعد ذلك إلا رداء عبده كردائه وإِزاره كإِزاره من غير تفاوت والخول العبد مبتدأ وإِخوانكم خبر والقنية ما ملك ليمسك { أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ } أى يكفرون وإِنما عداه بالباء مع أنه متعد بنفسه لتضمنه معنى المتعدى وهو يكفر أى يكفرون نعمة الله باتخاذ الشركاء فى العبادة وإِثبات النصب لهم من حرث وإِنعام أو باعتقاد أن ذلك من شركائهم التى يعبدون لا من عند الله أو بالإِعراض عن هذه الحجج وتركها بعد ما أنعم الله بها عليهم بإِيضاحها إِرشاداً لهم إِلى مصالحهم الدينية والدنيوية وقرأ أبو بكر يجحدون بالمثناة فعلق للخطاب فى قوله سبحانه { والله فضل بعضكم على بعض }.