خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
-النحل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْن أَحَدُهُما أَبْكَمُ } ولد أخرس لا يتكلم فهو لا يفهم بنفسه ولا يفهم غيره والأَخرس من لا يتكلم ولد كذلك أو حدث إِليه فهو أعم من الأَبكم لأَن الأَبكم من ولد كذلك { لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ } من الصنعة والتدبير لأَنه كما مر لا يفهم ولا يفهم فهو عاجز عجزاً تاماً وناقص نقصاً كاملا، { وَهُوَ كَلُّ } ثقيل المؤونة أو هو غليظ من قولك كل السيف إِذا غلظت شفرته وكل وكل اللسان إِذا عى { عَلَى مَوْلاَهُ } أى على من يقضى له ما يحتاج إِليه ويتضرر به ولا ينتفع منه بشىء { أَيْنَمَا يُوَجِّههُ } أى يرسله فى جلب نفع أو دفع ضر ولو لنفسه، وقرأ ابن مسعود اينما يوجه بالبناء للمفعول وهاء واحدة وقرىء يوجه بضم الياء وإِسكان الواو وكسر الجيم بمعنى يتوجه كما قرىء أينما توجه بفتحات على الماضوية، { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } بشئ حسن من جلب أو نفع فضلا عن أن يَأتى به بلا توجيه وذلك كناية عن كونه لا يتوجه أصلا إِلى ما وجه إِليه فضلا عن أن يأْتى بخير لأَنه يفهم ولا يفهم فكيف يفهم التوجيه حتى يتوجه وإِن فرضنا أنه توجه وفهم فهو لا يأْت بخير، وفى الكلام حذف تقديره والله أعلم والآخر يبلغ النطق مستقل بنفسه يجلب النفع ويدفع الضر ودل على ذلك قوله عز وجل { هَلْ يَسْتَوِى هُوَ } أى ذلك الأَبكم الكل الذى لا يأْتى بخير وذلك مثل للأَصنام إِذ لا تنطق وتضر ولا تنفع ولا تعقل وهى ثقيلة على من يعبدها بالنقل والخدمة والذبح لها وقيل هو أبو جهل، { وَمَن يَأْمُرُ } غيره، { بِالْعَدْلِ } الشامل للفضائل فهو نافع الناس بأمره به، { وَهُوَ } فى نفسه، { عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } سيرة حسنة من دين ومكارم الأَخلاق فى نفسه ولغيره ولذلك استقام له الأَمر بالعدل وهذا مثل لله وليس المراد أنه يوصف بالسيرة ومكارم الأَخلاق وهو مقابل للأصنام، وقيل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو مقابل لأَبى جهل وقيل الأَبكم الكافر والآمر بالعدل المؤمن وقيل الأَبكم أبى ابن خلف ومن يأْمر بالعدل حمزة وعثمان بن مظعون رضى الله عنهما زاد قومنا عثمان بن عفان، وقيل هو والأَبكم مولى له بأَمره بالإِسلام ويأْمره المولى بالإِمساك عن النفقة ويجوز أن يكون الصراط المستقيم كناية عن أنه لا يتوجه إِلى مطلب إلا بلغه بأقرب سعى لاستقامة طريقه إِليه بل هذا أنسب بقوله لا يأْتى بخير فيكون قابل تلك الصفات بالعدل والكون على صراط مستقيم لأَنهما من أكمل ما يقابلها والاستفهام كما مر إِنكار وتوبيخ.