خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ
٨٩
-النحل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أنفُسِهِمْ } وهو نبيهم فإِن نبى كل أُمة بعث منهم والأَنبياء أعدل الشهود والكلام هنا كالكلام فى ما مر معنى وإِعرابا وإِنما إِعادة تأكيد أو زيادة تهويل ولزيد يذكر قوله من انقسم فإِن من كان من نفس المشهود عليه أعرف بحاله فهو أقوى شهادة ليزيد بذكر قوله { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَءِ } الكفرة من أُمتك للعقاب والمؤمنين للثواب أو أعاد ذكر ذلك على أن المراد بالشهيد فى أحد الموضعين بنبى كل أُمة وفى الآخرة صلحاؤها الذين يشهدون عليها فإِذا قلناه فى الموضع الأَول إِن المراد الأَنبياء وفى الثانى صلحاؤهم كان ذكر قوله وجئناك إِلى آخره زيادة على ما أُريد فى الموضع الثانى وإِذا عكس ذلك كان ذكره بيانا للشاهد والمشهود عليه فى هذه الأُمة ولك أن تقول المراد فى أحدهما النبى والصالح وفى الآخر أحدهما فقط { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ } كلام مستأنف أو حال محكية أى جئنا بك شهيدا عليهم والحال إِنا نزلنا عليك القرآن { تِبْيَاناً } تبيينا { لِكُلِّ شَىْءٍ } من أمر الدين فلا يبتغى المرء كفر عذر والجملة الماضية الواقعة حالا إِذا كانت مثبتة قيل لا بد من قد معها ظاهرة أو مقدرة وقيل تصح بلا قد والتبيان مصدر بين وقيل مصدر بان وأجاز الزجاج فتح تاءه فى غير القرآن وهو الذى يقاس عليه عند من قال بقياس تفعال، والكسرمحفوظ فى بعض الأَسماء كهذا وتلقاء وتمساح وإِن قلت ليس فى القرآن بيان كل شىء قلت فيه بيان كل شىء إِذا أنزل الله سبحانه وأمر فيه رسوله أن يبين للناس ما أنزل فيه كما قال تعالى: { { وأنزلنا إِليك الذكر لتبين للناس ما أُنزل إِليهم } فإِن بعضا من الدين مفصل فيه وبعضا مفصل فى السنة وبعضا فى القياس وبعضا بالإِجماع وكل من القياس والإِجماع مَأخوذ من السنة الموكول إِليها الأَمر فى القرآن فكأَنهما مَأخوذان من القرآن { وَهُدًى } من الضلالة هدى تسليم وإِرشاد فهو يعم الشقى والسعيد. { وَرَحْمَةً } إِنعاما به على الفريقين أيضا وحرمان الشقى إِنما هو لتقصيره { وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } خاصة وقيل رحمة لمن آمن به وهم المسلمون وقيل هدى عصمة للمسلمين ورحمة لهم وبشرى لهم وهذا يتم على كون نزلنا مستأنفة.