خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَلَىٰ ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
٩
-النحل

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَعَلى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } القصد مصدر فى الأصل يستعمل بمعنى المستقيم بإِضافته إِلى السبيل للتبعيض والسبيل جنس يقال طريق قصد وطريق قاصد أى مستقيم موصل إِلى المراد الحسن كأَنه يقصد الوجه الذى يقصده السالك لا يميل ويقدر مضاف فكأَنه قيل وعلى الله بيان المستقيم من السبل وهو دين الإِسلام أو على الله هداية المستقيم منها ويجوز أن لا يقدر بأَن يكون المعنى من سلك المستقيم من السبل وصل إِلى الله كما تقول جنان فلان على الطريق تريد من اتبع الطريق وصل إِليه { وَمِنْهَا } أى ومن السبيل لأَن المراد بالسبيل كما مر الجنس { جَائِرٌ } سبيل مائل عن الاستقامة أو عن الله وهو ما عدا دين الإِسلام، ويجوز أن يراد بالسبيل سبيل الله المعهود، فتكون الإِضافة للبيان أى وعلى الله بيان قصد هو سبيله فيكون الضمير فى قوله ومنها عائدا إِلى السبل الكثيرة التى تفهم من الآية أو عائداً إِلى السبيل المذكور على طريق الاستخدام بأَن ذكر على معنى العهد وأُعيد عليه الضمير على معنى الجنس وكل طريق غير طريق الإِسلام يصدق عليه أنه من السبل وأنه جائر وإنما غير الأسلوب فلم يقل وعليه جائرها أو الجائر كما قال وعلى الله قصد السبيل، لأَن المقصود بيان سبيله المستقيم لا تقسيم السبيل إِلى مستقيم ومائل فذكر الجائر أن ما جاء بالعرض تتميماً للكلام بذكر ضد المستقيم هذا ما كنت أقول ثم رأيت القاضى ذكره والحمد لله لولا أنه لم يبق الكلام محتاجا إِلى ذكر المائل بعد ذكر المستقيم فإِن المائل هو ما عداه، فبأَى عبارة ذكر كان الكلام فصيحا بليغا إِذ خلا عما يوجب زكاته أو لأَنه ليس بحق على الله أن يبين طرق الضلالة لكن اقتضت رحمته ورأفته أن بينها كما بين قصد السبيل تَأكيدا وإِيضاحاً ولو كان بيان طريق الهدى مغنياً، أما الوجوب فلا واجب على الله ولكن اقتضت الحكمة أن بين طريق الهدى ولما اقتضته صار كالواجب فكان التعبير بعلى قبل أو غير الأسلوب ليعلم بما يجوز إضافته إليه من السبيلين، وقرأ ابن مسعود ومنكم جائر أى مائل عن القصد باختياره والله منه برئ { وَلَوْ شَاءَ } هدايتكم أجمعين هداية إِيصال وتوفيق إِلى قصد السبيل { لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } باختياركم فيثيبكم أو بالجبر فيثيبكم ولكن الحكمة تقتضى أن لا يجبر أحداً على إِيمان ولا كفر لأَن المدح والذم والثواب والعقاب يبطلن فى الجبر فهو كالعبث تعالى عنه وأما هداية البيان فقد هدى المكلفين كلهم.