خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً
١١١
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ } قال - صلى الله عليه وسلم - "أول من يدعى إِلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله فى السراء والضراء" . رواه ابن عباس، قال عبد الله بن عمر عنه - صلى الله عليه وسلم - "الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده" ، وقال جابر بن عبد الله عنه - صلى الله عليه وسلم - "أن أفضل الدعاء الحمد لله، وأفضل الذكر لا إِله ألا الله" ، أخرجه الترمذى، وقال حسن غريب وروى سمرة بن جندب عنه - صلى الله عليه وسلم - "أحب الكلام إِلى الله أربع: لا إِله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، لا يضرك بأيهن ابتدأت" أخرجه مسلم. { الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } لعدم احتياجه ولعدم اتخاذ الصاحبة ولاستحالة ذلك عنه لأَنه نقص وشبه بالمخلوق ولزم معه حد ونهاية واتخاذ الولد ولادته تعالى وتقدس عنه - وذلك رد على من يقول الملائكة بنات الله، ومن يقول عزير ابن الله ومن يقول المسيح ابن الله ويجوز أن يكون المراد التبنى كما يتبنى الإِنسان ولد غيره والله منزه عن ذلك لعدم احتياجه إِلى ما يريده الإِنسان ممن يتبناه. { وَلَمْ يَكُن لَّهْ شَرِيكٌ فِى المُلْكِ } أى ملك الدنيا والآخرة وإِنما يتملكه من يتملكه بهبة الله سبحانه وهو المالك له حقيقة، كذا أقول ورأيت لغيرى تفسير الملك بالالوهية وهذا رد على من جعل له شريكاً. { وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِىٌ } ناصر يليه فى الدفع عنه. { مِّنَ الذُّلِّ } مصدر ذلك ضد عز ومن للتعليل يعلق بيكن كأَنه قال أن كون ولى له من المذلة منتف فإِنه لا ذلك يلحقه فضلا عن أن يكون له ولى يدفع عنه الذى كما قال مجاهد لم يخالف أحداً ولا ابتغى نصر أحد ويجوز تعليقها بولى على أنها للابتداء لتضمنه معنى ناصر ودفع ومانع أى لم يكن له مانع من الذل لعدم الذل أصلا فضلا عن أن يتصور دفعه عنه ويجوز بقاؤها لتعليل مع تعليقه بولى على معنى أن ولاية أحد له لأَجل ذل يلحقه منتفية لعدم لحوق ذلك له ويجوز أن يكون المعنى لأولى له من الذل بل له أولياء ولوه بالطاعة ووليهم بالرضى عنهم وفيه من الأَوجه السابقة كلها على هذا أيضاً وزعم بعض أن العرب كانوا يقولون لولا أن الله أنصار الذل فنزلت الآية رادة عليهم وإِن قلت ما وجه التعليق الحمد بتلك الصفات السلبية قلت وجهه أن من يتخذ الولد يمسك النعم لولده ويبخل بها عن غيره والله تعالى منزه عن الولد فافاض نعمه علينا وأن الود يقوم مقام والده بعد موته والله منزه عن الولد والموت فالنعم أبداً بيده يعطيناها وأنه لو كان له شريك لم يجد ولم نجد أن يعطينا ما يجب ونحب وكان ملكه غير تام تعالى عن ذلك فلا يستحق الحمد التام تعالى عن ذلك وكذا لو كان دليلا لم يجد الدفع عنا كل الدفع فيصيبنا ونحن عبيده ما لا يحب تعالى عن ذلك كذا ظهر لى فتأَمله، وقال جار الله والقاضى: علق الحمد بتلك الصفات لأَن من ذلك وصفه هو الذى يقدر على كل نعمة إِيلاء فهو الذى يستحق جنس الحمد لأَنه كامل الذات المنفرد بالإِيجاد المنعم على الإِطلاق وما عداه ناقص مملوك إِما نعمه وإِما منعم عليه ولذلك عطف على قل بقوله { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } عظمه تعظيماً عاماً عن كل ما يليق به من ذلك وغيره فالعبد وإِن بالغ فى تعظيمه تعالى وتنزيهه وتحميده وطاعته يجب عليه أن يعترف بالقصور عن حق الله جل وعلا فى ذلك قال معاذ الجهنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِنه كان يقول: "آية العز { الحمد لله الذى لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك فى الملك } إِلى آخر السورة" ، رواه أحمد وكان صلى الله عليه وسلم - إِذا أفصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية وذكروا أيضاً أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهن الصغير والكبير من أهله. وعن كعب: فتحت التوراة بالحمد لله الذى خلق السماوات إِلى قوله يعدلون وختمت بالحمد لله الذى لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيراً والله أعلم.