خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
٣١
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلاَ تَقْتُلُوا أوْلاَدَكُمْ } أراد البنات لأَنه كانت قبائل من العرب تقتل بناتها فى الجاهلية لخوف الفقر كما قال. { خَشْيَةَ } أى خوف { إِمْلاَقٍ } أى فقر يخافون أن يفتقروا بمشاركتهن لهم فى المأْكول والمشروب والملبوس، وبما يحتجن إِليه، وكانوا أيضاً يعدون تزويجهن بغير الأكفاء عاراً عظيماً فيقتلونهن لئلا يقعوا فى ذلك، وربما زوجوهن بغير الأَكفاء لشدة الحاجة، وربما قتلوهن لعدم جمالهن أو لخوف الغارة والنهب فيكون قد مهد أولا للنهى عن قتلهم إِياهن لخشية الفقر أنه يبسط ويقدر للمصلحة والحكمة لذى البنات وغيره، وأخبرهم بضمان الرزق ثانياً فقال: { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ } أى الأَولاد الذين هم البنات وذكر الضمير باعتبار لفظ أولاد أو باعتبار الأَشخاص ويجوز رجوع الضمير للأَولاد كلهم ذكور وإِناث. { وَإِيَّاكُمْ } عطف على الهاء { إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً } بكسر الخاء وإِسكان الطاء أى إِثماً، يقال: خطئ خطأ كأثم إِثماً، وزنا ومعنى بكسر عين الفعل وفاء المصدر، وقرأ ابن عامر فى رواية ابن ذكوان بفتح الخاء والطاء وهو اسم مصدر أخطاء وهو ضد الصواب، وقيل لغة فى الخطئ بكسر فإِسكان كمثل ومِثْل، وحذر وحِذْر، فهو بمعنى الإِثم، وقرأ ابن كثير خطاء بكسر الخاء وفتح الطاء بعدها ألف وبعدها الأَلف همزة، وهو إِمام مصدر خاطأ بوزن قاتل بفتح التاء لأَنه وإن لم سمع تخاطأ والتفاعل وما تصرف منه إِذا سمع من كلمة جاز حمل الكلام على الفعال منها أو ما تصرف منه واستعمال الفعال منها أو ما تصرف منه ولو لم يسمع منها لأَن معنى الفعال والتفاعل واحد أو متقارب كضاربوا وتضاربوا وقد يكون التفاعل مطاوع الفعال، ومن روى التفاعل من الخطئ قوله:

تخاطئه القناص حتى وجدته وخرطومه فى منقع الماء راسب

وقرأ الحسن خطا بفتح الخاء والطاء وإِسقاط الهمزة وقرأ أُبى خطا بكسر الخاء وفتح الطاء وإِسقاط الهمزة وقرأ خطا بفتح الخاء والطاء بعدها ألف وبعد الأَلف همزة، والجملة مستأْنفة أو تعليل المنهى لأَن قتلهم كان خطئا. { كبِيراً } عظيماً إِذ فيه قطع التناسل وانقطاع نوع الإِنسان والظلم للمقتولة وأقاربها الذين يكرهون قتلها كأُمها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من كان له ابنة فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثره ولده أى ابنه عليها ادخله الله الجنة" ، رواه أبو داود عن ابن عباس.