خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
٥٥
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَرَبُّكَ أعْلَمُ بِمَن فِى السَّمَٰوَاتِ والأَرْضِ } أى بأَحوال من فيهن وبمن يتأَهل للنبوة وذلك رد على قريش فى استبعادهم أن يكون يتيم أبى طالب - صلى الله عليه وسلم - نبياً وأن يكون العراة الجوع أصحابه كصهيب وبلال وخباب وغيرهم دون أن يكون ذلك فى أكابرهم وأشرافهم { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } بالخصال الدينية الراسخة فى نفوسهم والإِخلاص عن علائق الجسم الدنية وبالكرامات كموسى بالكلام، وإِبراهيم بالخلة، ومحمد بالإِسراء التام والمحبة لا بكثرة المال والأتباع وعظم الملك، حتى داود وابنه سليمان فإِن شرف داود بالزبور وشرف ابنه بالخضوع الموضوع فى قلبه إلا بالملك، وقيل المراد التفضيل بالنعم الدينية والدنيوية والجسمية لتأَهلهم لها فيدخل فى ذلك خلق عيسى بلا أب وإِبراؤه الأَكمه والأَبرص وإِحياءه الموتى بإِذن الله سبحانه وإيتاءِ سليمان ملكاً لا ينبغى لغيره، وقيل إن ذلك تلويح وإشارة إِلى تفضيل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقوله { وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً } بيان لتفضيله بأَن أُوتى داود كتاباً عظيماً تضمن أنه آخر الأنبياء وخيرهم وأُمته خير الأُمم، وأنهم عباد صالحون يرثون الأَرض، ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأَرض يرثها عبادى الصالحون، وخص داود بالذكر لأَنه أعطى الملك مع النبوة والزبور ليذكره بالكتاب تنبيها على أن التفضيل بالدين لا بالدنيا ولأَنه ذكر فى الزبور أن محمداً خاتم النبيين وغير ذلك مما مر، ولأَن اليهود زعمت أنه لا نبى بعد موسى، ولا كتاب بعد التوراة فكذبهم الله عز وجل أن داود رسول الله وأنه أنزل عليه الزبور وأن محمد رسول وذكره فيه ولم يبعد أن يفضل الله الرحمن الرحيم محمداً - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلائق، فضل الله يؤتيه من يشاء وتنكير زبور للتعظيم بناء على أن ال فى الزبور للتعريف وإِن قلنا إن زبوراً علم بدون ال، قال فيه إِذا دخلته للمح الأَصل، لأَنه فى الأَصل اسم جنس فكل كتاب زبور فهو كالنعمان ونعمان ولأَنه فى الأَصل وصف بمعنى مفعول كحلوب بمعنى محلوبة وركوب بمعنى مركوبة فهو كالعباس، وعباس أو لأَنه مصدر كالفضل وفضل فيكون فى الأَصل من المصادر المفتوحة، الأَول على وزن فعول كالقبول، ويؤيده قراءة حمزة بالضم، أو نكرة للتبعيض وخص بعضه بالذكر لأَنه البعض المذكور به نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو سمى ذلك البعض باسم الكتاب كما يسمى بعض القرآن قرآناً. قال قتادة: الزبور مواعظ ودعاء، عمله الله لداود - كما ذكره الشيخ هود - وثناء على الله سبحانه وتمجيد ليس فيه حلال وحرام وفرائض وحدود وأحكام وهو مائة وخمسون سورة.