خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً
٦٢
-الإسراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ } إِبليس. { أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِى كَرَّمْتَ } فضلت. { عَلَّى } والكاف فى أرأيتك حرف خطاب واسم الإِشارة مفعول به والذى نعت أو بيان أو بدله والمفعول الثانى محذوف دلت عليه الصلة فعلق بالاستفهام أى أرأيت هذا الذى كرمت على لم كرمته على والمعنى أخبرنى عن هذا الذى كرمته على بأَن أمرتنى بالسجود له مع أنه من طين وأنا من نار لم كرمته على وذلك أن العلم بالشئ سبب للإِخبار عنه ملزوم له، فصح التعبير بما وضع للعلم وهو الرؤية عن الاخبار وقيل المعنى أتأَملت وهو جطاء من إِبليس لأَن الله جل جلاله لا يتأَمل فإِن التأَمل صفة الجاهل العاجز. { لَئِنْ أخَّرْتَنِى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } وهو وقت نفخة الموت فإِنما بعد نفخة الموت يوم لا غاية له يقوم الناس فى بعض من قبورهم واللام دالة على قسم مقدر قيل إِن الشرطية توطئ له الجواب وهو قوله: { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ } أقطعنهم من أصلهم عن دينك بالإِغواء قال له ابن جرير الطبرى وهو من احتنك الجراد الأَرض إِذا جرد ما عليها بالأَكل وهو مأْخوذ من الحنك والحنك اللحى فكأَنه مثل إِغواءهم بجعل الحيوان اللقمة فى فمه بين أشداقه ويجوز أن يكون المعنى لا يسلن باحناكهم على أنه تمثيل لإِمالتهم عن دين الله، كقولك حنكت الدابة إِذا شددت على حنكها بحبل أو غيره فتنقاد، ويقال احتنكت السنة المال أى جرته، وأما قول ابن عباس أن المعنى لأستولين، وقول ابن زيد لأَضلن فبيان للمقصود لا تفسير مناسب للتصريف { إِلاَّ قَلِيلاً } لا أطيقهم وهم المخلصون المعصومون عن الموت على الإِصرار وإِن قلت من أين علم لعنه الله أنه يتشهل له احتناكهم قلت: إن قلنا. قال ذلك قبل أكله من الشجرة وهو الظاهر فإِنما علمه من وصف الملائكة لهم بالإفساد والسفك، إِذ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء أو علمه من كون آدم صاحب وهم شهوة وغضب وكونه أجوف لا يتمالك، وإِن قلنا أنه قال بعد الأَكل من الشجرة فإِنما علمه من تأْثير وسوسة فيه.