خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً
٢
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَيِّماً } مستقيما. وعن ابن عباس: عدلا ويجوز أن يكون المعنى متوسطا لا مكثرا جدا ولا مقلا أو قيما بمصالح العباد فيكون موصوفا بأَنه مكمل لغيره بعد كونه كاملا فى نفسه أو قيما على الكتب السابقة يشهد بصحتها وينسخ ما ينسخ منها.
وإن قلت: إذا فسرته بمستقيما فما وجه الجمع بينه وبين نفى العوج وأحدهما يغنى عن الآخر؟
قلت: جمع بينهما تأكيدا. وقد قيل: إنه حال ثانية من الكتاب مؤكدة ولنفى العوج رأسا ظاهرا وباطنا ولو عند الإمعان فى التصفح والتتبع والاختبار فرب مشهود له بأنه لا عوج فيه لا يخلو من أدنى عوج عند الإمعان فى ذلك.
وإن جعلنا قوله عز وعلا: { ولم يجعل له عوجا } عطفا على أنزل كما مر لم يجز كون قيما حالا من الكتاب لئلا يلزم العطف على الصلة قبل تمام أجزائها.
وقيل بجواز هذا والتزام أنه على نية التقديم والتأخير والأولى حينئذ أن يجعل مفعولا لمحذوف أى اجعله قيما أو حال من محذف هو وعامله أى أنزله قيما أو حال من الكتاب على أن الجملة معترضة لا معطوفة أو من الهاء فى له إذا أعيدت إلى الكتاب كما مر. ذكر هذه الثلاثة الأخيرة ابن هشام وظاهره جواز عود الهاء إلى عبد وهو صحيح.
ويجوز كون قيما حالا من الهاء عائدة إليه وكونه حالا من عهد على أن جملة لم يجعل له عوجا معترضة أو حال من العبد أو من الكتاب.
قال: وقيل: جملة { لم يجعل له عوجا } حال و{ قيما } بدل منها عكس عرفت زيدا أبو مَن هو.
وذكر أن بعضهم سمع شيخاً يعرب { قيما } صفة لـ { عوجا } فقال له: يا هذا كيف يكون العوج قيما وترحمت على من وقف من القراء على ألف التنوين فى عوجا وقفة لطيفة دفعاً لهذا الوهم هذا كله كلام البعض.
قال أبو عمرو الدانى: قرأ حفص { عوجا } يسكت سكتة على الألف لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثم يقول: { قيما }.
وكذا كان يسكت مع مراد الوصل على الألف فى يس فى { مرقدنا } ثم يقول: { هذا ما وعد الرحمن }.
وكذا كان يسكت على النون فى { القيامة } فى قوله: { مَن } ثم يقول: { راق }.
وكذلك كان يسكت على اللام فى { المطففين } فى قوله: { بل } ثم يقول: { ران } والباقون يصلون ذلك كله من غير سكت ويدغمون النون واللام فى الراء.
وقرئ { قيما } بكسر القاف وفتح الياء غير مشددة.
{ لِيُنْذِرَ } أى هو أى عبده فالضمير المستتر عائد إلى العبد المذكور صلى الله عليه وسلم ويصح عوده إلى الكتاب والأول أولى لأن إسناد الإنذار والتبشير للكتاب مجاز. ومعنى "ينذر" يخوف وله معفولان الأول محذوف هكذا لينذر الكافرين.
{ بَأْساً } عذاباً { شَدِيدًا } وحذف الأول للقرينة ولأن المسوق له الكلام بالذات هو الثانى وهو البأس ولكن تعديته للثانى على معنى الجار كأنه قيل: ببأس.
وقيل: منصوب على نزع الخافض وقد ذكرا فى قوله سبحانه وتعالى:
{ { إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } }. { مِن لَدُنْهُ } متعلق بمحذوف جوازا نعت لبأس أو حال منه لوصفه أى صادر من لدنه أى من عند الله.
وقرأ أبو بكر من لدنه بإسكان الدال وإشمامها شيئاً من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء وإنما كسر النون لالتقاء الساكنين. وقيل: للإعراب.
وقرئ أيضاً بكسر الدال مطابقة للنون. والباقون بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء بلا صلة إلا ابن كثير فإنه يصلها بالواو مع أن الساكن قبلها.
{ وَيُبَشِّرَ } وقرأ حمزة والكسائى هنا وفى سبحان وآل عمران بفتح المثناة وإسكان الموحدة وضم الشين.
{ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ } أى بأن لهم.
{ أَجْراً حَسَناً } هو الجنة.