خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
٣١
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنِ } أى إقامة وخلود والجملة خبر ثان لإن الأول أر مستأْنفة لبيان الأجر ويجوز أن تكون هى الخبر فتكون جملة: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا معترضة بين اسم إن وخبرها.
{ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهِمُ } أى فى مواضع تقرب من تحتهم بجانبهم أو تجرى من تحتهم على الحقيقة. { الأنْهارُ } لأن أفضل المنازل ما يجرى فيه الماء.
{ يُحَلَّوْنَ فِيهَا } يلبسون الحلىّ أى يجعلون لابسين الحلى أى ما يتزين وقد بينه بقوله: { مِنْ أَسَاوِرَ } بإن مِن هذه للبيان يتعلق بمحذوف نعت لمفعول ثان ليحلى محذوف.
والأول هو الواو النائبة عن الفاعل أى يحلون فيها أشياء من أساور أى أشياء هى أساور جمع أسورة وأسوره جمع سوار وهو لباس عريض من نحو ذهب وفضة يلبس فى الذراع.
{ مِنْ ذَهَبٍ } من للابتداء أى أساور مصوغة من ذهب أو للبيان أى أساور هى ذهب أو للتبعيض وعلى كل تتعلق بمحذوف نعت لأساور. ومن أجاز زيادة مِن فى الإثبات أجاز أن تكون مِن الأولى صلة للتأكيد وأساور مفعولا ثانيا. ونكّر أساور للتعظيم وإبهام أمرها فى الحسن. قيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الرجل من أهل الجنة لو بدا سواره لغلب على ضوء الشمس" وذكروا "أنه ما من أحد من أهل الجنة إلا فى يده ثلاثة أسورة: سوار من ذهب وسوار من فضة وسوار من لؤلؤ " لقوله تعالى: { يحلون فيها من أساور من ذهب } وقوله عز وجل: { { وحلوا أساور من فضة } وقوله سبحانه: { { لؤلؤاً ولباسهم فيها حرير } }. { وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً } لأن الخضرة أحسن الألوان وأكثرها طراوة وينفتح لها القلب ما لا ينفتح لغيره. { مِنْ سُنْدُسٍ } الحرير الرقيق. { وَإسْتَبْرَقٍ } الحرير الغليظ جمع لهم فيها بين النوعين تلذيذا لهم بما تشتهيه النفس وتلذه العين وذكر ذلك ترغيبا فى الجنة فيتوصل إليها بالإيمان والأعمال الصالحات.
وقيل: السندس: المنسوج المذهب وذكر بعض الكوفيين أن إستبرقا معرب إستبرط بالفارسية.
{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا } أى فى الجنة حال من واو يلبسون وهى مقارنة ويقدر مثله لؤلؤا يحلون فإن ما تلبسهم الملائكة الأساور متكئين والملائكة قاعدون وكذا يلبسون الثياب الخضر وهم متكئون وذلك تشريف عظيم أو حال مقدرة وذلك بأَن يدخلوا الجنة فيتكئوا وبعد ذلك يلبسون الثياب الخضر ويحلون الأساور أو حال مقدرة من الهاء فى لهم.
{ عَلَى الأَرَائِكِ } جمع أريكة وهو السرير بشرط أن يكون فى بيت مزين بالثياب والستور للعروس. وخص الاتكاء لأنه هيئة الملوك والمستنعمين.
وذكر بعضهم أنه يعانق الرجل زوجته قدر عمر الدنيا لا تملة ولا يملها. وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الرجل من أهل الجنة ليتمتع فى تكأة واحدة سبعين عاماً" . وعن ابن عباس: "إن الرجل من أهل الجنة ليتكئ على أَحد شقيه ينظر إلى زوجته كذا وكذا سنة ثم يتكئ على الشق الآخر وينظر إليها مثل ذلك فى قبة حمراء من ياقوتة حمراء لها ألف باب وله فيها سبع مائة امرأة" . ثم زاد الله الرحمن الرحيم للجنة طراوة وتعظيما بقوله: { نِعْمَ الثوَابُ } المخصوص بالمدح محذوف أى الجنة ونعيمها. { وَحَسُنَتْ مُرْتفَقاً } منزلا أو متكأً ومر كلام فى ذلك.