خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً
٤١
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً
٤٢
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا } يصير فى الصبح أو غيره أو يصبح بعد الفجر. { غَوْراً } يقال: ماء غور وغائر داخل فى الأرض لا تقاله يد ولا دلو. وعطف { يصبح ماؤها غوراً } على قوله: { ويرسل عليها حسباناً من السماء } على قوله: { { فتصبح صعيدا زلقا } المتسبب عن إرسال الصواعق لأن إرسال الصواعق لا يكون سببا لإصباح الماء غوراً.
وإن فسرنا الحسبان بغير الصواعق مما مر جاز العطف على تصبح صعيدا زلقا وقد يقال بجواز العطف عليه ولو فسرنا الحساب بالصواعق لإمكان أن تؤثر الصواعق بإذن الله فى الماء بالإغارة كما تؤثر بإذنه فى الشجر والنخل والنبات.
{ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ } أى للماء المصبح غورا { طَلَباً } ردّا ومعالجة فى رجعه بحيلة. ولا يخفى إن شاء الله ما فى ذلك من المبالغة إذ جعله غير مستطيع لنفس طلب رجع الماء فضلا عن أن يستطيع رجعه وذلك حال من لم يبق له مطمع فى أمر من الأمور حتى كان طلبه كالمحال لعدم جدواه أو المراد لن تستطيع له طلبا نافعا فذلك كله من كلام المؤمن رضى الله عنه لصاحبه الكافر.
ثم أخبرنا الله الرحمن الرحيم عن الواقع من حال جنة ذلك الكافر بقوله: { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } الباء للإلصاق أو بمعنى على أى أحيط على ثمره بالهلاك أو أحيط بثمره كناية عن هلاك ثمره، كقولك: أحاط به العدو إذا أردت الإخبار بهلاكه لأنه إذا أحاط كان غالبا وإذا كان غالبا كان مهلكا فإن إحاطة المضرة بالشئ يلزم منها هلاكه فى الجملة فاستعمل بمعنى الإهلاك والثمر ثمرات النخل والشجر والزرع أهلكت بإهلاك النخل والشجر والزرع بإرسال الحسبان من السماء وإغارة الماء كما أنذره صاحبه بتوقيع ذلك والتخويف به.
وروى أنه أرسلت على جنته نار من السماء فأَحرقتها. ويحتمل أن يراد بالثمر ماله كله من عروض وأصول كذا قيل والسياق السابق واللاحق يدلان على الأول وعلى أن المراد الأصول.
{ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } قال شيخنا الحاج إبراهيم بن يوسف ذكره الله بالصالحات فيمن عنده: إن المعنى أصبح يضع بعنف باطن كف على ظهر أخرى ثم يضع ظهر هذه الأخرى على ظهر الأولى ثم يضع ظهر كل فى بطن الأخرى فيحتمل أنه فعل ذلك تحقيقا فيتعلق قوله: { عَلى مَا أَنْفَقَ فِيهَا } بيقلب لتضمنه معنى الندم والتلهف فكأنه قيل: أصبح متلهفا على ما أنفق من الأموال فى شرائها وعمارتها حتى إنه يقلب كفيه ظهراً لبطن أو يتعلق بحال أو مفعول لأجله محذوف أى فأصبح بقلب كفيه نادما أو ندماً على ما أنفق فيها.
ويحتمل أنه لم يقلب حقيقة ولكنه ندم وتلهف فعبر عن ندمه وتلهفه بتقليب الكف كناية عنه لأن من بالغ فى الندم والتلهف يقلب كفيه ويعضهما فى الجملة.
{ وَهِىَ خَاوِيَةٌ } ساقطة. { عَلَى عُرُوشِهَا } سقوفها بأَن وقع على كل سقف ما فوقه أو وقع السقوف على الأرض وسقط الجدر على السقوف، أو العروش ما يبنى أو يركز لشجر العنب وقع ذلك ثم وقع عليه شجر العنب.
قيل: إن قوله تعالى:
{ { قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى } - إلى قوله - { عروشها } لخراب بيت الظالم وبستانه وحانوته وزرعه وكل ما تقلب فيه. ومن أراد ذلك فليصم يوم الخميس ويوم الجمعة فإذا كان نصف الليل من ليلة السبت كتب ذلك فى مشط من مزلة ويلفه فى خرقة قميص ويدفنهُ فى الموضع فإنهُ يرى عجباً ولا يفعل ذلك إلا على من يحل فيه كمشرك طاغ ونحوه.
{ وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّى أَحَداً } ندم على الشرك من حيث أعقبهُ الإحاطة بثمرة وتمنى أن لو قبل من أخيه المسلم نصحه وقيل: ندم عليه ندم توبة لما اتضح لهُ صدق أخيه بما توقع لهُ. وسكن ياء ربى غير نافع وابن كثير وأبى عمر. وجملة يقول معطوفة على جملة أصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها أو خبر لمحذوف وجملة المبتدأ والخبر حال أى وهو يقول. وقيل بجواز وقوع المضارع ومرفوعه حالا ولو كان مثبتاً مجرداً من قل.