خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً
٩
-الكهف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَمْ حَسِبْتَ } أى بل ظننت فأم بمعنى بل الانتقالية وهمزة الإنكار. أنكر الله جل جلاله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ظنه بالفعل وبالقوة أن أصحاب الكهف والرقيم عجب من دون آياتنا أو أنكر ظنه بالفعل أو بالقوة أنهم أَعجب من آياتنا أو أنكر ظنه أنهم من الآيات العظام مع أنهم آية صغيرة بالنسبة إلى ما هو أعظم.
{ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ } الغار الواسع فى الجبل واسم هذا الكهف جيرم.
{ وَالرَّقِيمِ }: الوادى الذى فيه كهفهم. روى عن ابن عباس أنه بين عمان وأيلة دون فلسطين. وقيل: الجبل الذى فيه الكهف. وقال كعب الأحبار: سمى الرقيم لأن الناس رقموا أسماءهم فيه. وقال كعب الأحبار: قريتهم التى خرجوا منها وقيل: كلبهم. قال أمية بن أبى الصلت:

وليس بها إلا الرقيم مجاورا وصيدهُمُ فى الكهف والقوم هجدا

أى نوام. والوصيد: فِناء البيت والغار ونحوهما أو ما بين العتبتين. وقال سعيد بن جبير وغيره من أئمة الأحبار: من حجر. وقيل: من رصاص رقمت أى كتبت فيه أسماؤهم وأنسابهم وبلدهم وتاريخهم وملكهم وجعلت على باب الكهف فقد تبين لك أن أصحاب الكهف والرقيم قوم واحد أضيفوا للكهف بلا واسطة وللرقيم بواسطة العطف.
وقيل: إن أصحاب الكهف قوم وأصحاب الرقيم قوم آخرون فالقومان مدرجان فى لفظة أصحاب المذكورة فى الآية أو يقدر مضاف أى وأصحاب الرقيم وإنما بقى على الجر مع حذف المضاف لذكر مثل ذلك المضاف المحذوف وعلى هذا القول فأصحاب الرقيم ثلاثة رجال. روى نافع عن أبى عمرو عن النعمان ابن بشير
"عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم ثلاثة خرجوا يطلبون الحشيش أو الماء لأهلهم فأمطرت السماء فأَووا إلى كهف وليس بالكهف المذكور فى الآية ولا هم بالفتية المذكورين فيها ولما دخلوا الكهف انحطت صخرة وسدت بابه فقال أحدهم: اذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله يرحمنا ببركته. فقال واحد: استعملت أُجَراء ذات يوم فجاء رجل وسط النهار وعمل فى بقيته مثل عملهم فأعطيته مثل أجرهم فغضب أحدهم وترك أجره فوضعته فى جانب البيت ثم مرت بى بقرة فاشتريتها فبلغت ما شاء الله فرجع إلىَّ بعد حين شيخا ضعيفا لا أعرفه وقال: إن لى عندك حقا وذكره لى حتى عرفته فدفعتها إليه وكل ما ولدت وما استغلت فقال: يا عبد الله لا تسخر بى إن لم تصدق علىَّ فأَعطنى حقى فقلت: والله ما أسخر بك إنما هو حقك ما فيه شئ. اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا فانصدع الجبل حتى رأوا الضوء. وقال آخر: كان لى فضل وأصاب الناس شدة فجاءتنى امرأة فطلبت منى معروفا فقلت: والله ما هو دون نفسك فأبت وعادت ثم رجعت ثلاثا ثم ذكرت لزوجها فقال: أجيبى وأعينى عيالك فأتت وسلَّمت إلىَّ نفسها فلما تكشفتها وهممت بها ارتعدت فقلت: مالكِ؟ فقالت: أخاف الله. فقلت لها: خفتِه فى الشدة ولم أخَفْه فى الرخاء فتركتها وأعطيتها ملتمسها. اللهم إن كنت فعلته لوجهك فأفرج عنا فأفرج الله الجبل حتى تعارفوا. وقال الثالث: كان لى أبوان هَرِمان وكان لى غنم وكنت أطعمهما وأسيهما ثم أرجع إلى غنمى فحبسنى ذات يوم غيث فلم أرح حتى أمسيت فأتيت أهلى وأخذت محلبى فحلبت فيه ومضيت إليهما فوجدتهما نائمين فشق علىَّ أن أوقظهما فوقفت ومحلبى على يدى حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما. اللهم إن كنت فعلته لوجهك فأفرج عنا فأَفرج الله عنهم فخرجوا" . وروى ذلك مرفوعا عن النعمان بن بشير. وروى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الجبل: طاق ففرج الله عنهم فخرجوا" .
{ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } أى كانوا عجباً من بين آياتنا كأنه قيل عجباً من دون آياتنا. والمراد أنهم عجب وسائر آياتنا عجب. وقيل: عجبا بمعنى اعجب ويحتمل أن يريد حسبت أنهم من آياتنا العظام كلا بل هم آية صغيرة بالنسبة إلى العظام كخلق السماء أو أشار إلى أنهم كخلق ما على الأرض من أنواع وأجناس لا تحصى على طبائع متباعدة وهيئات متخالفة تعجب الناظرين من مادة واحدة وهم ثم رد ذلك إلى الأرض كما اتصل الآية هذه بآية ذلك أو إشارة إلى أنهم كلا آية بالنسبة إلى سائر الآيات ومن آياتنا حال من عجبا وعجبا خبر كان.