خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً
٢٢
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَحَمَلَتْهُ } فى وقت النفخ { فَانْتَبَذَتْ } اعتزلت خوفا من الناس وحياء من أن يعيَِّرها أهلها وغيرهم بولادتها ولم تتزوج.
{ بِهِ } وهو فى بطنها والباء للمصاحبة متعلقة بمحذوف حال من ضمير انتبذت { مَكاناً قَصِيّاً } بعيدا من الناس وأهلها وهو وراء الجبل.
وعن ابن عباس: أقصى الوادى وهو وادى بيت لحم.
وقيل: أقصى الدار. ومدة بقائه فى بطنها ستة أشهر.
وقال الحسن والضحاك وعطاء وأبو العالية: سبعة أشهر.
وقيل: ثمانية. ولم يعش لثمانية غيره.
وقيل: تسعة كسائر الناس.
وقيل: حملته فى ساعة، وصور فى ساعة. ووضع فى ساعة حين زالت الشمس من يومها.
وقيل: ذلك كله فى ساعة. وهو قول ابن عباس. وما من مولود إلا يستهل غيره. وحاضت حيضتين قبل حمله وحملته وهى بنت ثلاث عشرة سنة.
وقيل: بنت عشر.
وقيل: ست عشرة.
قيل: كان ابن عم لها اسمه يوسف لما قيل: حملت بالزنا خاف عليها قتل الملك فهرب بها. فلما كان ببعض الطريق حدثته نفسه أن يقتلها فأتاه جبريل فقال: إنه من روح القدس فلا تقتلها فتركها.
وعن وهب أن يوسف هذا أول من علم ببطنها وكان هو وهى يخدمان المسجد ولا يعلم فى زمانهما أشد عبادة منهما. وتحيَّر كلما أراد أن يتهمها ذكر عبادتها وعفتها وأنها لم تغب عنه. فقال لها: وقع فى نفسى من أمرك شئ وقد حرصت على كتمانه فغلبنى أن أتكلم به فقالت: قل قولا جميلا.
فقال: أخبرينى يا مريم هل ينبت زرع بغير بذر؟ وهل ينبت شجر من غير غيث؟ وهل يكون ولد من غير ذكر؟
قالت: نعم ألم تعلم أن الله أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر؟ ألم تعلم أن الله أنبت الشجر من غير غيث. أو تقول: إن الله لم يقدر أن ينبت الشجرة حتى استعان بالماء. ولولا ذلك لم يقدر على إنباتها.
قال يوسف: لا أقول هذا ولكن أقول: إن الله يقدر على كل شئ يقول له: كن فيكون.
قالت له مريم: ألم تعلم أن الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق زوجته منه. فزال ما فى نفسه من التهمة وكان ينوب عنها فى خدمة المسجد لضعفها بالحمل. فلما دنت ولادتها أوحى الله إليها: انتبذى مكانا قصيًّا.