خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً
٦
يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً
٧
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَرِثُنِى } نعت وليا. وقرأ أبو عمرو والكسائى بالجزم فى جواب الدعاء والقراءتان فى قوله: { وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } جدى العلم والنبوة سأل ربه أن يجعل من صلبه من يقوم بالعلم والنبوة لئلا يضيعا لما رأى من إفساد بنى إسرائيل وقتلهم الأنبياء وليس المراد إرث المال لأن الأنبياء لا تورث وما لهم لبيت المال.
وقيل: يرث حبورتى وملك آل يعقوب وزكريا كان رأس الأحبار.
وقيل: يرث مالى ونبوة آل يعقوب وحبورتهم.
قلت: زكريا أبعد من أن يشفق على ماله أن يرثه بنو عمه ولم يجب الله دعاءه فإن يحيى قتل قبل أبيه زكريا فلم يرث آباءه. وإجابة دعاء الأنبياء غالبة لا لازمة كما لم يجب لإبراهيم فى حق أبيه وكما لم يجب نبينا صلى الله عليه وسلم فى سؤاله: أن لا يذيق بعض أمته بأس بعض وذلك لمخالفة ما طلبوا ما جف به القلم وكان مما جف به أن يوجد يحيى نبيًّا صالحاً ثم يقتل.
والحبورة: العلم بتميز الكلام وتحسينه وفلان حبر بفتح الحاء وكسرها وهو أفصح ويعقوب هو ابن إسحاق وزكريا عليه السلام من نسله. قيل: وكان من نسل هارون.
وقيل: يعقوب بن ماثان أخو زكريا.
وقيل: يعقوب أخو عمران أبى مريم وهما أخوان من نسل سليمان والإرث يتعدى للموروث منه بنفسه وبمن كما فى الآية. وقيل: من للتبعيض لأن آل يعقوب لم يكونوا كلهم أنبياء ولا علماء.
قلت: ويصح أن تكون للابتداء ولا يمنع الابتداء والتعدية كونهم ليسوا كلهم أَنبياء وعلماء غايته أن يكون كقوله:
{ { يخرج منهما اللؤلو والمرجان } وقرأ ابن عباس والجحدرى يرثنى وارث من آل يعقوب.
قلت: الجملة نعت وليا والرابط وارث فإنه ظاهر فى مقام ضمير الولى أو الرابط محذوف على طريقة التجديد البديعى وهو أن ينتزع من متصف بصفة آخر مثله مبالغة لكمالها فيه أى يرثنى به وارث جُرِّد وارث من وليا مع أنه هو.
وقرأ على وجماعة يرثنى وارثا من آل يعقوب بنصب وارثا على الحال من ضمير الرفع أو النصب فى يرثنى.
وقيل: هذه قراءة الجحدرى وابن عباس والتى قبلها لعلى ومن معه وعن الجحدرى يرثنى أُوَيْرِث تصغير وارث وقال: لأنه غُلَيّم صغير والأصل وُوَيْرث بواوين الأولى فاء الكلمة والثانية ألف وارث أبدلت الأولى واوا لانضمامها. { وَاجْعَلْهُ رَبِّ } يا رب. { رَضِيّاً } مرضيا عندك قولا وفعلا واعتقادا فعيل بمعنى مفعول وأخبره بإجابه دعائه بقوله: { يَا زَكَرَيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ } فقرأ حمزة بفتح النون وإسكان الهاء وضم الشين.
{ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى } تولى تسميته تشريفاً له ولأبيه واختار له هذا الاسم لأنه أحياه بالإيمان أو أحيى به عقم أمه.
{ لَمْ نَجْعلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِياً } نظيرا فى التسمية لم يسم أحد باسمه قبله وفى التسمية بالأسماء الحسنة المحمودة تنويه بشأن المسمى ومثله يعمر ويعيش وهو علم منقول من مضارع واختار بعض أنه عجمى.
وقيل: سمى بذلك لأنه حيى به رحم أمه ولأن دين الله حى بدعوته.
وقيل: لم نجعل له نظيرا فى أنه لم يعص ولم يهم بمعصية وفى أنه ولد من شيخ فانٍ وعجوز عاقر لم يلدا زمان الولادة ولما ذهب زمانها ولدا وفى أنه لم تلد العواقر مثله.
وقيل: لم يرد اجتماع الفضائل كلها ليحيى فإن إبراهيم وموسى قبله أفضل منه وإنما قيل للمِثل: سمىّ لأن المتماثلين يتشاركان فى الاسم.