خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً
٦١
-مريم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ جَنَّاتِ عَدْنٍ } إقامة: نوع من الجنان بدل من الجنة بدل شئ من شئ بناء على أن المراد بالجنة هذه الجنات ولو كان لفظ الجنة حقيقة فى كل الجنات كما تقول: أكرمت الإنسان: زيدا وَعمرا وبكرا، أو بناء على أن الجنة حقيقة الجنة مطلقا وكذا جنات عدن، فالجنة كلها جنات عدن.
وإن أريد بالجنة الحقيقة مطلقا وبجنات عدن نوع فبدل بعض أى جنات عدن منها.
وعن بعض: أن جنات بدل كل من بعض وليس بشئ.
وإذا قلنا: جنات عَلَم لإضافته لعدن الذى هو عَلَم على الإقامة، أو أرض فى الجنة، فلا إشكال فى إبدال جنات من الجنة.
وإذا قلنا: إنه نكرة وعدن نكرة بمعنى إقامة فإنما أبدلت النكرة من المعرفة لتخصيصها بالإضافة كما إذا خصصت بالصفة.
وزعم بعض أنها لا تبدل منها إلا إن وصفت. والصواب وصفها وإضافتها، وعملها، كل ذلك ونحوه مسوغ لإبدالها، أو أبدلت من الجنة؛ لأن أل فى الجنة للجنس فكأنه نكرة. وهذا على ما اشتهر.
وإن قلت: ما معنى قول القاضى: وعدن عَلَم لأنه المضاف إليه فى العلم؟
قلت: سألنى عنه بعض الطلبة فظهر لى - والله أعلم - أن مراده أن عَدْنا علَم لأرض الإقامة، وهى أرض الجنة وأن عدنا هو المضاف إليه وفى جملة العلَم المركب، فإن العلَم المركب من المتضايفين هو من حيث التعريف مجموع الجزءين ولو كان الإعراب على الجزء الأول، ويخفض الثانى بالإضافة.
وإذا كان عدن هو المضاف إليه فى العلم المركب من المتضايفين فهو علم؛ لأن العلَم المركب منهما يكون الثانى أبدا علَماً، كعبد الله علماً لرجل، وزين للعابدين.
وإذا قلنا: إنه علَم لأرض الإقامة وهى أرض الجنة أو أرض منها فعلَم شخص.
وإذا قلنا: إنه علَم للإقامة فعلم جنس.
وقال شيخ الإسلام: مراد القاضى بقوله: فى العلَم فى باب العلَم.
وقرئ جنات عدن وجنة عدن برفعهما على الخبرية لمحذوف؛ أى هى جنات عدن أو جنة عدن أو على الابتدائية وخبره التى.
ويجوز فى قراءة النصب تقدير أعنى أو أمدح. { الَّتِى } نعت لجنات إن قلنا: تعرَّف بالإضافة لعدن بناء على أن عدنا علَم.
وإن قلنا: إن عدنا نكرة فجنات نكرة فالتى بدل من جنات لجواز إبدال المعرفة من نكرة مخصوصة، فلا دليل فى الآية على أن عدنا معرفة، وأنه لولا تعريفه لما وصفت جنات بالمعرفة.
{ وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ } المتقين والرابط محذوف أى وعدها. { بِالْغَيْبِ } أى فى الغيوبة حال من التى أو من الرابط، أى وعدها إياهم، وهى غائبة عنهم؛ لأنها فى الحال الآخرة، أو حال من عباد أى وهم غائبون عنها والباء للسببية متعلقة بوعد، أى وعدهم لأجل الغيب، أى لإيمانهم بالغيب.
{ إنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } اسم مفعول أى يأتيه عباده ويصلونه. أصله مأتوى بوزن مضروب، قلبت الواو ياء وأدغمت، وقلبت الضمة كسرة. كذا ظهر لى.
وقيل: هو اسم مفعول بمعنى اسم فاعل أى آتيا. وهو بعيد من جهة الصناعة، وخلاف الأصل ولو اعتمده الصفاقسى. وقيل: ذلك من باب القلب. والوعد بمعنى الموعود به، وهو الجنة.