خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٢٨
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَالمطَلَّقاتُ يَتَربَّصْنَ }: للزوج ليراجع إن شاء، وصونا لرحما لهُ إن لم تكن المراجعة.
{ بأنْفُسِهِنَّ }: عن التزوج.
{ ثلاثة قُروءٍ }: جمع قرء بفتح القاف وضمها وإسكان الراء، وهو الطهر عند الشافعى ومالك وزيد بن ثابت وابن عمر وعائشة والزهرى ونإبان بن عثمان، وعن عائشة القرء الطهر لا لا الحيض، وقال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثورى والأوزاعى والسدى والضحاك وعكرمة وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت، وأبو موسى الأشعرى وعمر وعلى وابن مسعود وابن عباس: القرء الحيض، قال أحمد حنبل: كنت أقول الأقراء الأطهار، وأنا اليوم أذهب إلى أنها الحيض، ونصب ثلاثة على الظرفية أى ثلاثة أزمان قروء أو أزمان ثلاثة قروء أو يقدر مصدر ينوب عن الزمان وذلك فى ظرف الزمان بكثر أى مضى ثلاثة قروء لا على المفعولية إلا أن يضمن بتربص معنى ينتظرون، والقرء مشترك بين الحيض والطهر، فهو حقيقة فيهما قال أبو عبيدة: كالشفق للأحمر والأبيض، وقيل: حقيقة فى الحيض مجاز فى الطهر، وقيل بالعكس، والمراد بالمطلقات الحرائر المدخول بهن، لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها وعدة الأمة قرءان. لا ثلاثة، وعن عمر موقوفاً: ينكح العبد اثنتين ويطلق بتطليقتين، وتعتد الأمة بحيضتين وفى الحديث:
"طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان" :، وذكر هذه الآية بعد الإيلاء عند إشارة إلى أن عدة المولى عنها أربعة أشهر، فيمضى أربعة أشهر من يوم ألا تتزوج إن لم يدخل بها قبل مضيها، وذلك وجه اتصال الآية بما قبلها، وكونهما معا فى الفرقة، فكأنه قيل عدة المولى أربعة أشهر، وعدة الحوائض الحرائر الحوائل المدخول بها المطلقات ثلاثة قروء. وقال فى غير المدخول بها: { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } وقال فى الحوامل: { أجلهن أن يضعن حملهن } وقال فى غير الحوائض: { واللائى يئسن من المحيض } إلى قوله: { واللائى لم يحضن } وقال الشافعى: فى المولى عنها تعتد الأربعة، وأصل العباة تربصن يا مطلقات، بالأمر، فعبر عنه بالإخبار تأكيداً للمسارعة، كأنه قال قد وعدن أن يتمثلن ذلك الأمر، فأخبر الله عن تلك المواعدة المقدرة، وقدم المطلقات فكانت الجملة إسمية، ليحصل بذكر المبتدأ تشوق فى النفس إلى ما يخبر به عنه، فإذا ذكر الخبر وجد النفس متهيأة له فيتمكن فيها فضل التمكن، وليحصل الإسناد مرتين إلى المطلقات، وإلى ضميرهن، وقال بأنفسهن هنا ولم يقله فى قوله تربص أربعة أشهر، لأن فى ذكر الأنفس تهيجاً على التربص، لأن أنفسهن مائلات إلى الرجال، فإذا استمعن ذلك استحيين وحملتهن الغيرة على أن يغلبن أنفسهن عن الميل إلى التربص، فالباء للتعدية أن يربصن أنفسن، وإنما فسر الشافعى وعائشة وغيرهما كمالك: القرء بالطهر، لأن الطهر بعد الحيض هو الدالُّ على براءة الرحم، قال: وليس المراد الحيض، كما قالت الحنفية، وهو مروى عن عمر وجماعة لقوله تعالى: { فطلقوهن لعدتهن } أى مستقبلات لعدتهن، فيكن فى صدرها أو فى عدتهن، أى فى الزمان الذى يكون لهن عدة إذ لا يشرع الطلاق فى الحيض، وإنما قلت مستقبلات لعدتهن فيكن فى صدرها دفعاً لما يتوهم أنه إذا كان المعنى مستقبلات لعدتهن كانتا لعدة الحيض، لأنه المستقبل لا الطهر؛ لأنهن فى الطهر، وقد قال الشافعى: إن المعنى مستقبلات لعدتهن، مدعيا أن العدة بالحيض، لأنه المنتظر لا الطهر، لأنهن فيه، ولنا أحاديث: "طلاق السنة أن يطلقها أول طهرها" فلولا أن الطهر هو المعتبر فى الحساب لم يشترط أوله والحديث فى ابن عمر: "مُرْه فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر" الخ وهو فى صحيح الربيعرحمه الله والبخارى ومسلم وبعضها: "مُرْه فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التى أمر الله أن تطلق النساء" واحتج أبو حنيفة بحديث: "طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان" فتكون عدة الحرة أيضاً ثلاث حيض فاعتداد بالحيض، والجواب أن المراد: حيضتان بما معهما من طهر، وسهله أن الطلاق لا بد فى الطهر كما تقول: لا قام ليلتين تريد يوما وليلة بعده، ويوما وليلة بعده، هذا ولو كان خلاف الأصل لكن يقويه ما ذكرنا من حديث ابن عمر، وكلام أبى حنيفة عندى فى هذا أقوى، لأن حديث: "عدة الأمة حيضتان" قوى حتى إنه صريح أو كالصريح، فلا يقاومه المحتمل فإن نسلم أن الطلاق فى الطهر، لكن نقول الحساب من الحيض وإلا كان طهران وصدر من الثلاثة لا ثلاثة، طهر يطلقها أوله، وطهر بعد حيضه تليه، وصدر طهر بعد حيضه ثانية لو كان يقول تخرج الأول الطهر الثالث، ولا يقول بذلك الشافعى، وكان طهران، والطهر الذى وقع فيه الطلاق، ولو أوقع الطلاق آخره لم تتم ثلاثة أطهار، وبهذا يقول: فإنه يحسب الطهر الذى وقع فيه الطلاق، ولو أوقعه عقبه، وتخرج عنده بتمام الطهر الثالث، إذ دخلت فى الحيضة الثالثة، فلو طلقها بالحيض لخرجت بالدخول فى الحيضة الرابعة، وعن عائشة: إن دخلت المطلقة فى الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج وعند أبى حنيفة إن طلقها فى الطهر خرجت بالطهر من الثالثة، وفى الحيض فبالطهر من الحيضة الرابعة، وبذلك نقول: لكننا نقول تخرج بالاغتسال أو التيمم أو بخروج الصلاة بتوان مطلقاً، لكن إن رجع الحيض قبل تمام حساب وقت حيضها وقد طهرت فيما تبين أنها فى الحيض والعدة حتى تطهر وتتم، كذلك فلنتربص حتى تزول الشبهة، وقال أبو حنيفة: إن طهرت لأكثر الحيض انقضت عدتها قبل الغسل، وإن طهرت لما دون ذلك لم تنقض عدتها حتى تغتسل أو تتيمم عند عدم الماء أو عدم الطاقة على استعماله، ويمضى عليها وقت الصلاة، والقرء جمع كثرة والمراد هنا القلة، لأنه ثلاثة وجمع القلة حقيقة فى الثلاثة والتسعة وما بينهما، وقيل بالثلاثة والعشرة وما بينهما، وقالت أعرابية لأعرابى قال:

* وأسيافنا يقطرن من نجدة دما *

إنك ذكرت ثمانية أسياف، تريد أكثر جمع القلة ثمانية، وإذا صح عن الأعرابية تحقق أن أقل جمع القلة ثلاثة، وأكثره ثمانية، لأنها أعرف بما هنالك، ولو قال ثلاثة أقراء لكان جمع قلة، وقد قرأ به الزهرى، وعما عبر بجمع القلة فى قوله: { بأنفسهم }، وقوله فى: { أرحامهن }، ولعل الحكمة فى التعبير بالقراء بصيغة الكثرة قلة استعمال لفظ أقراء، حتى كأنه معدوم ليس للقرء قرء، أو الحكمة كثرة النساء، فهناك الآف أو أقل قرء، ولو كان لكل واحدة مطلقة ثلاثة أقراء فقط ثم إن أصل القرء الجمع قدم الحيض مجتمع فى البطن حال الطهر، وفى الرحم حال الحيض، وكذا الطهر يجتمع حال الحيض فى البطن، وحال الطهر فى الرحم، وقيل أصله الوقت، يقال رجع القرء، أى لوقته الذى هو فيه، فقيل أصله الانتقال من الحيض إلى الطهر، وبه قال أبو حنيفة وقيل بالعكس، وبه قال الشافعى، قال أبو عبيدة، القرء فى الأصل الانتقال من حال إلى حال.
{ وَلاَ يحلُّ لَهنَّ أنْ يكْتُمْن ما خَلَقَ اللّهُ فِى أرْحامِهنَّ }. من حمل أو حيض أو طهر، فقد ترغب فى الرجعة أو الإرث من زوجها، أو تحب أن يرثها، أو فى النفقة فتكتم الطهر، وقد تكرهها أعنى الرجعة. أو تحب أن تزوج غيره، أو ألا يرثها، فتقول قد انقضت الحيضة الثالثة وطهرت، وكذا فى كتم الحيض، وإثباته كذباً، وكذا الولد تزعم أنه فى بطنها لتنفق أو ليراجعها إن شاء تتركه لتتزوج، ولما كان الوصل إلى ذلك متعذرا على الرجال، أو متعسرا، جعل الله المرأة أمينة فى ذلك، وجعل القول قولها بلا يمين، وذلك فيه ممكن فى صدق قولها، وذلك أن أقل الحيض على الأصح ثلاثة، وأقل الطهر على الأصح عشرة، فذلك تسعة وعشرون يوماً، وقال الشافعى اثنان وثلاثون يوماً وساعة، لأنها عنده يحمل أمرها على أنها طلقت طاهراً فحاضت بعد ساعة يوماً وليلة، وذلك أقل الطهر عنده، ثم طهرت خمسة عشر يوماً، وهى أقل الطهر عنده، ثم طهرت خمسة عشرة يوماً ثم رأت الدم فإن أدعت انقضاء عدتها دون تسعة وعشرين يوما لم تصدق، وكذا عند الشافعى فيما دون اثنين وثلاثين وساعة، وما ذكرته من التعميم أولى مما قيل عن ابن عمر ومجاهد: ما خلق الله فى أرحامهن الحيض والحمل ومما قيل عن قتادة وابن عباس: أنهْ الحمل وأن كتمانه سبب نزول الآية إذ كانت المرأة تكتم الحمل فى الجاهلية لتلحقه بالثانى، ولما كن مؤمنات فى ذلك مع شدة ميلهن لقلة عقلهن إلى ما يرغبن فيه هددهن الله تعالى بقوله عز وجل:
{ إنْ كُنّ يُؤمِنَّ بِاللّهِ واليوْم الآخِرِ }: حتى إن من كتم منهن فكأنها منكرة بالله واليوم الآخر إذا لم تراع أن الله عليم بما فيها، فيعاقبها فى اليوم الآخر مع أنها قد أقرت بالله واليوم الآخر إن كانت مسلمة أو كتابية فكأنه قيل إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر حق الإيمان، ولا يتصور من كتابية حق الإيمان ما دامت مشركة، وصح ذلك لأن المراد التهديد، فالإيمان بالله واليوم الآخر فرض على كل أحد ولا يحل فى الإيمان ذلك الكتمان، فمن كتم فليست مخلصة لإيمانها.
{ وبُعُولَتُهُنَّ }: أى أزواجهن، والضمير للمطلقات، لكن المطلقات شامل للمطلقات رجعيا، والمطلقات بائنا: والضمير للمطلقات رجعيا، وذلك شبيه بالاستخدام، وذلك كما لو صرح بنوعى المطلقات، ورد الضمير للنوع الأخير، وكما لو كرر الظاهر وخصصه بأن قيل وبعولة المطلقات طلاقا رجعيا، وهو جمع بعل، والجمع عامة، فزيدت التاء تأكيداً لتأنيث الجمع، وهذه الزيادة مقصورة على السماع، كالعمومة والخؤولة فى جمع عم وخال، أو هو مصدر كالخشونة والصعوبة سميت به الأزواج، يقال أعجبها بعولتى أى معاشرتى، وكذا التبعل قال صلى الله عليه وسلم:
"جهاد المرأة حسن التبعل" أى حسن معاشرتها لزوجها، وامرأة حسنة التبعل تحسن عشرة زوجها والقيام بما فى بيته قيل وسمى الزوج بعلاً لقيامه بأمر زوجته، وأصل البعل السيد المالك، وبعل الناقة ربها، وكذا غيرها أو هو مصدر باق على المصدرية، فيقدر مضاف أى وأهل بعولتهن.
{ أحَقُّ }: اسم تفضيل خارج عن معنى التفضيل، أى حقيقيون
{ بردِّهنَّ } إذا لا حق لغير البعول فى ردهن، ولا حق لهن أيضا فى ذلك، فإن شاء الزوج راجعها ولو كرهت، وإن شاء لم يراجعها ولو أحبت الرجعة، وقرأ أبى: { بردهن } والمعنى عندنا بردهن إلى النكاح بالرجعة ولا يحتاج إل التجديد، ولا يستمتع بها عندنا إلا بعدها، وكذا الشافعى، ولا بد عندنا وعنده من الإشهاد وإلا لم تصح الرجعة،
{ فى ذَلِكَ }: أى فى زمان التربص، لأن الرجعة إنما تصح ما دامت فى العده.
{ إنْ أرادوا }: بالرد.
{ إصلاحاً }: لما بينهم وبينهن إحسانا إليهن لا المضارة، وإن أرادوا المضارة فإنما لهم الرد فى الحكم، ولو ظهر أنهم أرادوا المضارة وصح لهم عند الله، لكن يعاقبهم الله بقصد المضارة إذا ضاروهن فبشرط إرادة الإصلاح مانع من قصد المضارة لا عدم صحة الرجعة، مع قصد المضارة، وكان أهل الجاهلية يطلقون المرأة حتى يقرب انقضاء عدتها راجعوها، ولا يزالون كذلك ولو ألف مرة يضارونها بذلك، فنزلت الآية فى منع قصد الإضرار، وأنزل الله أيضاً أنهُ ليس لهم إلا رجحان، وعن ابن عباس: كان أهل الجاهلية إذا طلق الرجل منهم امرأة فله رجعتها، ولو اعتدت ما لم تتزوج، وكذا إن طلقها ثانية، وإذا طلقها ثالثة فلا رجعة، فنزل أن الأزواج أحق بالرجعة فى العدة، وأما بعدها فلا حق لهم فيها، ولا تصح بعدها، وقال قوم: كانوا يراجعونها ولو بعد الثلاث، وكانوا أحق ما لم تتزوج، فأنزل الله تعالى أن الرجعة فى العدة وأنه لا رجعة بعد الثلاثة.
{ ولهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَليهنَّ بالمعْروفِ }: أى وللنساء غير المطلقات على أزواجهن مثل ما لهم عليهن من الحقوق، ووجه الشبه الوجوب، واستحقاق المطالبة لا كون حقهم وحقهن من جنس واحد، فإن حقها الصداق والنفقة واللباس والفراش، ونحو ذلك، والمسكن والوطء وحقه أن تجيبه إذا دعاها، وتتحبب إليه ولا تخرج إلا بإذنه، ولا تكلفه ما لا يطيق ونحو ذلك، وعن ابن عباس: أحب أن أتزين لها كما أحب أن تتزين لى، أن الله تعالى قال: { ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف } وإنما تتم مقاصد الزوجية إذا كان كل واحد من الزوجين مراعيا حق الآخر، مصلحا لأحواله، مثل طلب النسل وتربية الولد، والعشرة بالمعروف، وحفظ المنزل وتدبير ما فيه، وسياسة ما تحت أيديهما ونحو ذلك مما يحسن شرعا ويليق عادة، ومعنى قوله: { بالمعروف } بالوجه الذى لا ينكر فى الشرع والعادة، ولا يكلف أحدهما الآخر ما ليس عليه، ولا يعنفه وهو متعلق بما تعلق به عليهن أو لهن وقيل لهن من الكفاف مثل ما عليهن الخدمة، وهى الخضوع له، والمشارعة فى أمره ونهيه مما هو له، وعنه صلى الله عليه وسلم فى خطبته فى حجة الوداع من رواية جابر:
"أتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله" ، وفى رواية "بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف" وفى رواية "بأمانة الله" وأراد بكلمة الله إباحة النكاح بقوله تعالى: { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } وقيل أراد قوله تعالى: { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } وقيل كلمة التوحيد إذ لا تحل مسلمة لمشرك، ومعنى إيطاء الفرش أن يفرشن لرجل يحادثهن، وكان ذلك قبل نزول الحجاب.
{ وللرجال عَليْهنَّ دَرَجةٌ }: زيادة فى الحق، لأن حقوقهم فى أنفسهن وحقوقهن المهر والكفاف وترك الضرار ونحو ذلك، ومرادى بالكفاف عدم الإسراف، وقبل الدرجة الشرف والفضيلة، لأنهم قوامون عليهن وحراس عليهن، تنال المرأة من الرجل مثل ما يناله، وله الفضيلة بقيامه وإنفاقه فى مصالحها، وهو قول الزجاج، وقيل الدرجة الفضل فى الدين والعقل وما يتفرع عليها كالشهادة والميرات والدية والإمامة والقضاء والأذان والجهاد، فيستحق أكثر مما تستحق، فهو مالك لها لا تصوم ولا تصلى تطوعا، ولا تخرج إلا بإذانه، وقادر على طلاقها وعلى رجعتها، والتزوج والتسرى عليها، ولو أبت، وعن مجاهد: الدرجة فضله عليها فى الميراث ونحوه كالدية والأرسَ، وقال زيد بن أسلم ذلك فى الطاعة عليها تطيعه وليس عليه أن يطيعها. وقال ابن عباس: تلك الدرجة أن يتحامل على نفسه ويخفف عنها فيعفو عن إساءتها أو يوسع فى المال والخلق قال بعض المغاربة: هذا قول حسن بارع.
{ وَاللّهُ عَزِيزٌ }: غالب لا يرد عما أراد فى مكة ولا عن الانتقام ممن خالف الأحكام.
{ حَكيمٌ }: فى أمره ونهيه وتحليله وتحريمه وإباحته وسائر تدبيره.