خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ
٢٧٦
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَمْحَقُ اللّهُ الرِّبا }: يذهب بركتهُ ويهلك المال الذى يدخل فيه، فمال الغنى بالربا الفقر، قال ابن مسعود: قال صلى الله عليه وسلم: "الربا وإن كثر فإلى قل" فالربى نقص معنى ولو كان زيادة حسا، من أسباب هلاك مال هو رباً أن الفقراء المأخوذ منهم الربا يدعون على آخذه، وأصل المحق النقص شيئاً فشيئاً، فمال الربا ينقص شيئاً فشيئاً، وعن عباس رضى الله عنهما معنى المحق فى الآية: أن الله تعالى لا يقبل منه صدقة ولا جهادا ولا حجا ولا صلاة، وفى الحديث: "أن الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام، فكيف يدخلها الغنى بالحرام" ، وأشار الشيخ هود إلى قول ابن عباس بقولُه: إن الله جل جلالهُ يبطل الربا يوم القيامة، بمعنى لا يثاب على شئ فعله الربا.
{ وَيُرْبى الصَّدَقاتِ }: يزيد فى ثوابها الدرهم بعشرة إلى سبعمائة فصاعدا، ويبارك فيما خرجت منه فمآلها الزيادة، ولو كانت فى صوة النقص، وعنه صلى الله عليهِ وسلم:
"ما تصدق أحد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمنه وإن كانت تمرة تربوا فتربوا فى كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كا يربى أحدكم فلوه أو فصيله" ، وفى رواية: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب" وفى رواية: "ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يقبلها بيمينه يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل" والفلو المهر، وفى رواية عنهُ صلى الله عليه وسلم: "إن صدقة أحدكم لتقع فى يد الله تعالى فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تجئ يوم القيامة وأن اللقمة لعلى قدر أحد" وقال صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت زكاة من مال قط" قال عقبة بن عامر: سمعت رسول الله صلى الله عليهِ وسلم يقول: "كل امرئ فى ظل صدقته حتى يفصل بين الناس" أو قال: "حتى يحكم بين الناس" قال زيد بن أبى حبيب: روى ذلك عن أبى الخير عن عقبة، كان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يصدق فيه بشئ ولو كعكة أو بصلة، قال ابن أبى حمزة ولا يلهم الصدقة إلا من سبقت له سابقة خير وروى ابن عبد البر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحسن عبدٌ الصدقة إلا أحسن الله الخلافة على بنيه وكان فى ظل الله يوم لا ظل إلا ظله وحفظ فى يوم صدقته من كل عاهة وآفة" ، وقال سعد بن عبادة: "يا رسول الله إن أم سعد ماتت فأى الصدقة أفضل؟ قال: الماء فحفر بئراً وقال: هذا لأم سعد" وعن أبى سعيد عنه صلى الله عليه وسلم: "أى ما مسلم كسا مسلما على عرى كساه الله من خضر الجنة، وإيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وإيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم" .
{ وَاللّهُ لا يُحبُّ كُلَّ كَفَّارٍ }: بسبب الربا يستحله ويصر على استحلاله، وهو كافر كفر شرك، أو يفعله معتقدا تحريمه، ويصر عليه وهو كافر كفر نفاق، والآية شاملة لهما، والنفى هنا لعموم السلب، ولو تأخرت عنه كل لقيام الدلائل، والإجماع أنه لا يوجد كافر مصر يحبه الله إلا ما زعمت المرجئة وغيرهم من جواز أن يحب مصرا بأن يدخله الجنة وهو خطأ.
{ أثِيمٍ }: مبالغ فى الإثم بإصراره عليه وهو فعل الربا أو استحلاله، ويجوز أن تكون الآية فى كل كفار أثيم بالربا أو غيره وهو الظاهر من عموم اللفظ وإطلاقه وهو ولى.