خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٢٨١
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَاتَّقُوا يَوماً تُرجَعُونَ فِيهِ إلىَ الله }: أى خافوا ذلك اليوم: أو احذروا العذاب الذى فيه، أو الهول الذى فيه، أو الفضيحة فيه بترك المعاصى والاستعداد له، وهو يوم القيامة، أو يوم الموت، والجمهور على أنه يوم القيامة، ومعنى الرجوع فيه إلى الله: الذهاب إلى حسابه أو إلى جزاء من ثواب أو عقاب، ولم يكونوا فى ذلك قط، ولكن استعمل المقيد فى المطلق، ولك أن تقول معنى الرجوع إليه: الرجوع إلى حال كانوا فيها شبيهة مجالهم يوم الموت أو يوم القيامة وهو حالهم فى البطون لا تصرف لهم فى البطون، ولا تدبير، وكذا يوم القيامة أو الموت، بخلاف حالهم فى الدنيا، فقد جعل لهم فيها تصرفاً واختيارا ولا بأيهم حال الصغر، وعلى هذا فليس استعمالا للمقيد فى المطلق، بل استعمال للمقيد فى معناه، وترجعون مبنى للمفعول من رجع الثلاثى المتعدى أو من أرجع الرباعى بالهمزة الداخلة على رجع الثلاثى اللازم، وقرأ أبو عمر وبفتح الياء وكسر الجسم من رجع الثلاثى اللازم، وقرأ عبد الله بن مسعود تردون، وقرا أبى تصيرون وقرئ يرأجعون بالتحتية والبناء للمفعول على الالتفات.
{ ثُمَّ تُوفَّى كُل نفّسٍ }: فيه هذه الجملة معطوفة على جملة: { ترجعون فيه إلى الله } فاستحقت للربط، لأنها عطفت على جملة النعت وهو مقدر كما رأيت.
{ مَا كَسَبَتْ }: من خير وشر، ومعنى توفية كل نفس ما كسبت جزاءها به وافيا كاملا.
{ وَهُم لا يُظْلَمُونَ }: فى ذلك اليوم ينقص ثواب استحقوه أو زيادة عقاب فوق ما أوجبوه، قيل نزلت الآية فى عظماء يعاملون بالربا متغلبِين على الناس بكثرة مالهم وأنصارهم وجلالتهم زجروا بها أبلغ زجر، وخوفوا، ولما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ولم يحج قبلها بعد الهجرة نزلت آية الكلالة
{ يستفتونك } الآية، ثم نزل وهو واقف بعرفة: { اليوم أكملت لكم دينكم } قال ابن عباس، ثم نزل آخر ما نزل: { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله }، فقال جبريل: يا محمد ضعها على رأس مائتين وثمانين آية من سورة البقرة، وعاش صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوماً وقيل واحد وعشرين يوماً، وقال بن جريح: تسع ليال، وقيل سبع ليالى، وقيل: ثلاث ساعات مات صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين زاغت الشمس وروى الشعبى عن ابن عباس: أن آخر آية نزلت آية الربا. ويجمع بين الروايتين: أن آية الربا من آخر ما أنزل أو أراد جنس آيات الربا، وروى أن هذه منهن كما مر أنها منهن، وجمهور الناس ابن عباس فى الرواية الصحيحة عنه والسدى والضحاك وابن جريح: أن آخر ما نزل بالتحقيق { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله } نزلت فقال اجعلوها بين آية الربا وآية الدين، ولم ينزل بعدها شئ وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفسرها لنا فدعوا الربا والربية.