خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
٧٢
-البقرة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً }: رجلا يسمى عاميل، أسند القتل إليهم لأن القاتل منهم وفيهم، وهذا نوع من أنواع الحكم على المجموع، أو يقدر مضاف أى وإذ قتل بعضكم نفساً، ومع ذلك فالخطاب لليهود الذين فى زمان سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما فعل أسلافهم.
{ فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا }: تدافعتم فى شأنها بالخصام أو بالتشاكك، لأن من شأن المخاصمين أن يدفع بعضهم بعضاً، أو يطرح بعضهم قتلها عن نفسه على بعض وهو تفاعل من الدرء بمعنى الدفع، والأصل تدارأتم أبدلت التاء دالا، وأدغمت الدال فى الدال، وزيدت همزة الوصل ليبتدأ بها، إذ لا يبدأ بما هو ساكن، وإنما حذفت همزة الوصل نطقاً للحرف قبلها وهو يقرأ بهمزة ساكنة بعد الراء، وكان أبو عمرو بن العلاء إذا قرأ فى الصلاة أو أدرج قراءَته أو قرأ بالإدغام لم يهمز الهمزة الساكنة فاءاً أو عيناً أو لاماً نحو: { يؤمنون }، و { يولون }، و { المؤتفكات }، و { بئس } و { وبئسما } والذئب، والبئر، والرؤيا، ورؤياك، وكدأب، وجئت، وجئتم، وشئت، وشئتم. فادارأتم واطمأننتم إلا أن يكون سكون الهمزة للجزم نحو: نشأ، وهى وجملته تسعة عشر موضعاً أو للبناء نحو: أنبئهم. وقرأ وهى لنا وجملته أحد عشر موضعاً أو يكون ترك الهمزة فيه أثقل من الهمز وذلك فى قوله: تؤوى وتؤويه، أو يوقع الالتباس بما لا يهمز، وذلك فى قوله: وريئا أو يخرج من لغة إلى لغة، وذلك فى قوله: موصدة، فان ابن مجاهد كان يختار تحقيق الهمزة فى ذلك كله من أجل تلك المعانى، قال أبو عمرو الدانى: وبذلك قرأت فإذا تحركت الهمزة نحو قوله: يؤلف ويؤذن ويؤخرهم فلا خلاف عنه فى تحقيق الهمزة فى ذلك كله.. انتهى. والذى أقرأ به من رواية ورش إبدال الهمزة الساكنة التى هى فاء كما قال فى الدرر اللوامع، أبدل ورش كل فاء سكنت نحو يومن وإن تحركت سهلها نحو: يواخذ ويولف ومود، وقال أبو عمرو الدانى: اعلم أن ورشاً كان يسهل الهمزة سكنت أو تحركت إذا كانت فاء نحو: يأخذ، ولقاءنا إيت، ويومن والمومنون، والذى أوتمن والملك أتونى به، وموجلا ولا تواخذنا الاتوى إليك والماوى وسائر مادة الإيواء، وفاووا إلى الكهف ونحوه ولا يؤده وتؤزهم ومأبا ومآرب أخرى وما تأخروا فإذا وشبهه إذا كانت صورتها ألفاً فهمز جميع ذلك والباقون يحققون الهمزة فى ذلك كله، وسهل ورش أيضاً الهمزة من بيس وبيسما والبير والذيب، ولئلا فى جميع القرآن وتابعة الكسائى على الذيب وحده فترك همزة والباقون يحققون الهمز فى ذلك كله حيث وقع وبالله التوفيق.
{ وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }: أى والله مُظهِر ما كنتم تكتمونهُ وهو القائل، أو مخرج من حد الغيب إلى حيز البيان ما كنتم تكتمون، ويناسب الوجه الأول مقابلة الإخراج بالكتم والكاتم هو القاتل وحده، كتم القاتل الصادر منه ولم يخبر الناس بأنه هو القاتل، واحتال فى إخفائه بأن ألقاه بعد القتل حيث لا ينسب إليه، فالكتم عدم إخباره عن نفسه أنه القاتل أو الاحتيال المذكور أو كلاهما، وأسند الكتم إليهم لأنه فيهم ومنهم، أو أسنده إليهم لأنهم قد خافوا الفضيحة، كما قيل إن سبب تباطئهم فى الامتثال هو هذا الخوف كما مر، وما مفعول لمخرج، لأن مخرجاً للاستقبال المحكى، وذلك أن الإخراج ماض بالنسبة إلى نزول الآية، لكنه فرض أن زمان تلك القصة حاضر، وفرض أن الكتم واقع وأن الإخراج سيقع، ومذهب الكسائى جواز إعمال الوصف فى المفعول، ولو كان الماضى فيكون المعنى والله أخرج ما كنتم ولا ينافى هذا الوجه قوله:{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها.. }