خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ
٦٦
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ } موسى: { بَلْ أَلْقُوا } أنتم أولاً. قال هذا مقابلة لتأدبهم بتأَدُّب، ولعدم مبالاته بسحرهم، وإسعافا إلى ما أوهموا من الليل إلى البدء بذكر الأول فى إلقائهم دون إلقائه؛ إذ قالوا: { أن نكون أول من ألقى } ولم يقولوا: إما أن نلقى أولاً، مع أنه مراد ولكن أسقطوا لفظ أول، وبتغيير النظم إلى وجه أبلغ؛ إذا لمطابق لقولهم: { { إما أن تلقى } أن يقولوا: وإما أن نلقى. والمراد فى الشقين الإبقاء أولاً. وأيضا أمَرهم موسى بالإلقاء أولا لأنهم إذا بدأوا بالإلقاء واستقصوا مجهودهم فسلط الله المعجزة على سحرهم ومحقته كان أفخر من أن يبدأ موسى فيسلطوا سحرهم على معجزته فلا يبطلها أو يُخيَّلوا تخييلا من غير تسلط عليها. وقد أعلم الله موسى بأنه غالب فاطمأن أو أُلهم ذلك إلهاما.
وإن قلت: كيف قالوا:
{ { أول من ألقى } بالمضىّ؟
قلت: هو بمعنى المضارع وعبر بالماضى للفاصلة، أو اعتبروا وقوع الإلقاءين ومضيهما والفراغ منهما، حتى إن المخبر ليقول: هم أول من ألقى
وإن قلت: كيف أمرهم بإلقاء السحر وهو كفر - رضى الله عنهم؟
قلت: إنما أمرهم به نظرا إلى محنة بمعجزته وفى محقه إعلاء الدين.
{ فَإذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ } جمع عصاً، وفى ذلك محذوف تقديره: فألقوا فإذا الخ. وإذا للفجاءة حرف عند الأخفش وابن مالك.
قال ابن هشام: ويرجحه قولهم: خرجت فإذا إن زيدا بالباب بكسر إن لأن إن لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وظرف مكان عقد المبرِّد وابن عصفور، وظرف زمان عند الزجاج وجار الله القائل: التحقيقية أنها الكائنة بمعنى الوقت الطالبة ناصبا لها، وجملةً تضاف إليها، خُصت فى بعض المواضع بأن يكون ناصبا فعلا مخصوصًا وهو فعل المفاجأة. والجملة اسمية أى ففاجأ موسى تخيله وقت تخيل سعى حبالهم وعصيهم.
قال ابن هشام: وذلك زعم منه، بل ناصبها الخبر المذكور، أو المقدر بعدها وأطلت الكلام فى النحو.
وأصل عصهم عصووهم بناء على أن ألف العصى عن واو وهو الصحيح أدغمت الواو فى الواو وقلبتا يائين وكسر ما قبلهما، أو أصله عصويهم بضم العين والصاد وإسكان الواو قلبت ضمة الصاد كسرة وقلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة وأدغمت فى الياء، أو لما اجتمعت مع الياء وسكنت قلبت ياء وأدغمت وكسرت الصاد بعد ذلك. وأما كسرة العين فتبع لكسر الصاد. وكذا ظهر لى وزنه فعول.
وقرئ بضم العين تركا للإتباع. وفيه التصريف والوزن المذكوران. ثم رأيت بعض ذلك للسيوطى وغيره.
{ يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ } من للتعليل. { أنَّهَا تَسْعَى } نائب يخيل.
وقرئ بكسر الياء الثانية. أى بأنها تسعى والفاعل ضمير يعود إلى الله عز وعلا.
وقرأ ابن ذكران عن ابن عامر تخيل بالفوقية والبناء للمفعول والنائب ضمير الحبال والعصى واقعا أنها تسمى بدل اشتمال منه.
وقرئ بالفوقية والبناء للفاعل الذى هو ضمير ذلك، وأنها تسعى مفعول، ونسب لابن ذكوان عن ابن عامر.
وقرئ تخيل بفتح الفوقية وفاعله ضمير ذلك، وأنها تسعى بدل منه وأصله تتخيل حذفت إحدى التاءين.
روى أنهم صمّخوا الحبال والعصى بالزئبق، ولما طلعت عليها الشمس اضطربت فى رؤية العين كأنها تتحرك، وكانت قبل أخذت ميلا لكل جانب.