خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
٩٦
-طه

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ } يعنى القبط وبنى إسرائيل، أى علمت ما لم يعلموه، وفطنت لما لم يفطنوا له، ونظرت ما لم ينظروا، فهو من البصيرة أو من البصر.
وقرئ بصرت بفتح الصاد بما لم يبصروا به بكسرها وهو بأحد المعنيين.
وقرئ بكسر صاد بصرت وفتح صاد يبصر وإن ضم هذا القارئ صاد يبصروا فعدول إلى مضارع بصر بالضم أو بالفتح، وإن كسره فإلى مضارع بصر بالفتح.
وقرأ حمزة والكسائى تبصروا بالفوقية وضم الصاد على الخطاب لموسى وغيره وذلك أنه رأى حافر حيزوم وهو فرس جبريل كما وقع على موضع نبت النبات فى الموضع فعلم أنه فرس الحياة لا يخالط أثره مواتا إلا حَيِىَ.
وقيل: إنه رأى جبريل يمشى فى الأرض، وعلم أنه روحانى لا يمس أثره شيئا إلا حَيِىَ. وذلك كله حين جاء فى أمر البحر. وإنما عرفه لما مر أنه رباه.
وروى أنه كان يجعل كف نفسه فى فيه، فيرتضع منه اللبن والعسل، أو لما رأى ذلك ظنه جبريل، ولما أثرت الحياةَ أثرُ قدمه أو حافرُ فرسه تيقن.
{ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً } فَعلة للمرة بمعنى اسم مفعول بدليل فنبذتها، فإن القبض لا ينبذ، وإنما ينبذ المقبوض.
وقرئ قبضة بالصادر. والأول للأخذ بجميع الكف، والثانى للأخذ بأطراف الأصابع، كالخَضْم: بجميع الفم، والقضم: يقدِّمه.
{ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ } أى من أثر حافر فرس الرسول، بتقدير مضافين، قاله ابن هشام.
وقرأ ابن مسعود: من أثر فرس الرسول. والظاهر أن لا يقدر الحافر كما تقول: ضربت زيداً، ولا يعنى تقدير اليد، ولا تجعله ببال، ولم يقدر بعضهم شيئاً. وقال: إنه قبض من أثر الرسول نفسه، وقراءة ابن مسعود ترده.
والرسول: جبريل.
وعبَّر بالرسول إعلاماً بأنه قبض من أثره حيت أرسل إلى موسى ليمشى قدام قوم فرعون يثبطهم، وخلفَ قوم موسى يحرضهم على المشى، أو حين أرسل إليه ليذهب به إلى الطور، وعرفه لأنه ربَّاه.
وقيل: لأنه لم يعرف أنه جبريل، ولكن أعلم أنه رسول من الله.
{ فَنَبَذْتُهَا } مع الحلىّ وأذبته، أو نبذتها فى فم العجل المصوغ منه، أو فى الحلىّ المذاب، فكان العجل يخور، وكان لما قبضها جعلها فى عمامته.
{ وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ } بيّنت وقيل من للسؤال { لِى نفسى } مع أن قومك قد طلبوا منك إلهاً.