خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
١٠٤
-الأنبياء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ } مفعول به لا ذكر، أو ظرف ليحزن أو ليتلقاهم، أو حال من يومكم أو من مفعول توعدون المحذوف، وهو على الحالية غير ظرف.
{ نَطْوِى السَّمَاءَ } الطى: ضد النشر. قيل: والمراد المحو كقولك: اطو عنى هذا الحديث. وإنما طويت لأنها نشرت مظلة للخلق، ونافعة بالإضاءة والاعتبار وغير ذلك، إذا زالوا زالت. والمراد: السماوات. فألْ للاستغراق. ولك أن تقول: هو جمع سماءة. وكذا فى مثل هذا المقام. ذكره الشيخ أحمد فى شرح العقيدة.
وقرئ يطوى السماء بالمثناة التحتية، والفاعل ضمير الله.
وقرأ أبو جعفر تطوى، بالمثناة الفوقية، والبناء للمفعول، ورفع السماء. وقرئ بالتحتية والبناء للمفعول.
{ كَطَىِّ السِّجِلِّ } وقرئ السجل بضم السين والجيم.
وقرئ بفتح السين وإسكان الجيم، وبكسر السين وإسكان الجيم، وهو اسم ملَك يطوى كتب الأعمال إذا رفعت إليه.
{ لِلكُتُبِ } صحيفة ابن آدم عند موته. وقيل: اسم ملَك يكتب أعمال العبد إذا رفعت إليه.
وروى أو داود - وهو من علماء الأندلس - أنه اسم كاتب للنبى صلى الله عليه وسلم.
قال السهيلى: هذا غير معروف. وعن ابن عباس: هو الصحيفة. وعليه فالكتاب بمعنى ما كتب فيها. واللام بمعنى على. ويدل له قراءة حمزة والكسائى وحفص على الجمع، بضم الكاف والتاء. كذا قيل.
والحق جواز كون السجل مَلَكًا أو كاتبًا للنبى صلى الله عليه وسلم، فى هذه القراءة، والإضافة إضافة مصدر لفاعله.
وإن جعلنا السجل: الصحيفة فإضافة مصدر لمفعول.
وعلى الأول فاللام لام التقوية فى المفعول به، أو للتعليل على أن الكتاب مصدر أى من أجل الكتابة، أو بمعنى ما كتب فى الصحيفة.
ويجوز التعليل أيضا على تفسير السجل بالملَك، أو بالكاتب.
وأخرج ابن أبى مردويه، من طريق ابن الجوزى، عن ابن عباس: أن السجل بلغة الحبشة: الرجل.
قال ابن جنى: السجل، الكتاب قال قوم: فارسى معرَّب. وطىّ نعت لمصدر محذوف، أى طيًّا ثابتًا كطى، وعلى حرفيه الكاف.
ويجوز تعليقها بنطوى وطيًّا مثل طى.
وعن الحسن: تطوى السماء من فوقها، كما تُطوى الصحيفة من فوقها. فإما أن تشق مِن فوقها وتُطوى منه، أو تطوى مثنّية، وإلا فهى كقشرة البصل.
ولعل المراد: الكناية عن مجرد الإزالة، ولو كان التشبيه بطىّ السجل يضعف ذلك.
{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ } الكاف كاف كطىّ، راجعة إلى نعبده، وما مصدرية، والهاء لأول، كما أنشأنا الخلق من عدم، على غير مثال، بقدرتنا نعيدهم بعد إعدامهم.
ويجوز كون الكاف مكفوفة، وما كافة، وأول مفعول بدأنا، فقيل: أو مفعول لمحذوف دل عليه نعيده. قيل: أَو { ما } اسم موصول، والكاف متعلق بمحذوف يفسره نعيده، أى كالذى بدأنا، وأول خلق ظرف لبدأنا، أو حال من ضمير الموصول المحذوف، والخلق مصدر، أو بمعنى اسم مفعول، والتنكير إشارة إلى التفصيل كقولك: هو أول رجل جاءنى: تريد أول الرجال، ولكن نكرت إرادةً لتفصيلهم رجلا رجلا.
وفى الآية إعلام بأَن قدرته باقية، كما قدر على الخلق، يقدر على البعث، وفيها قياس البعث على الخلق.
{ وَعْدًا } مفعول مطلق مؤكد لنعيد، على حد: قعدت جلوسا، فإن قوله: { نعيده وعدا } بالإعادة.
{ عَلَيْنَا } نعت لوعدا.
ويجوز كون وعدا مصدراً لمحذوف مؤكد، أى وعدناه وعدا.
وفسر الكلبى الآية: بأن المعنى: ترد الناس نطفا، ثم عظاما، ثم لحما، ثم ينفخ فيهم الروح كما كان ذلك أول ما خلقوا.
وقيل: المعنى: كما خلقناهم حفاة عراة غُرلا، كذلك نبعثهم.
عن ابن عباس - رضى الله عنهما -: وعظَنا النبى صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله عراة حفاة عُزلاً، كما بدأنا أول خلق نعيده والأعزل: مَن لا سلاح معه.
وقيل: المراد غير مختونين.
وقيل: علينا خبر لمحذوف، والجملة نعت، أى علينا إنجازه.
{ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } قادرين على فعل ذلك وغيره.