خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
٥٨
-الأنبياء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا } وقرأ الكسائى بكسر الجيم، وهو مصدر على وزن فُِعال، بضم الفاء وكسرها، بمعنى مجذوذة، أى مقطوعة، أو يقدر مضاف، أى ذوى قطع، أى مقطوعين، وهم بمنزلة العقلاء. وأخبر أنهم نفس القطع. والضم والكسر لغتان، واللفظان جمعًا جذيذ.
وقرئ بالفتح مصدرا، أو جمع جذيذ.
وقرئ جذذ، بضم الجيم وفتح الذال وإسقاط الألف، جمع جذيذ.
وقرئ بضمهما، جمع جذيذ، أو جذة بضم الجيم.
{ إلاّ كَبِيرًا } صنما كبيرا، تركه بلا كسر، وعلق الفأس التى كسر الأصنام بها فى عنقه.
قيل: علقه بيده اليمنى. { لَهُمْ } أو هو نعت كبير، أو نعت ثان، من محذوف. وفائدته على النعتية الإشعار بأن كبره إنما يثبت لهم لا لنا، فإنه عندنا أهون شيئا، وكلما عظمت جثته وهيئته، زاد بغضا وإهانة عندنا. وكان عندهم عظيم الجثة والمنزلة، صاغوه من ذهب، وجعلوا فى عينيه جوهرتين، مضيئتين ليلا ونهارًا، وكللوا سائره بالجواهر، وسائر الأصنام بعضها من ذهب، وبعضها من فضة، وبعض من حديد، وبعض من نحاس، وبعض من رصاص، وبعض من حجر، وبعض من خشب.
{ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ } إلى مكسوره. { يَرْجِعُونَ } كما يرجع إلى من عظم شأنه فى الأمور المعضلة، فيقولون له: ما لهؤلاء مكسورةً ومالَكَ صحيحًا، والفأس فى عنقك أو يدك، فإنه - عليه السلام - قد علم أنهم يعظمون آلهتهم، ولا سيما هذا ويعتقدون لها أباطيل.
وفائدة رجوعهم إليه: أن يتبين أنه لا يضر ولا ينفع، وأنهم فى عبادته على جهل عظيم. وقال ذلك وهو عالم بأنهم لا يرجعون إليه استهزاءً بهم، واستجهالا؛ فإن قياس من سجد له، أن يرجع إليه فى إزالة الأمور المعضلة. والضمير لإبراهيم؛ لأنه غلب على ظنه أنهم لا يرجعون إلا إليه؛ لتفرده بعداوة آلهتهم واشتهاره بعداوتها.
وفائدة رجوعهم إليه أن يفجعهم بقوله:
{ { بل فعلهم كبيرهم هذا } والأول عندى أظهر، و الثانى عند الثعالبى أظهر.
ويجوز عود الضمير إلى الله عز وجل، أى لعلهم يرجعون إلى توحيد الله ودينه إذا رأوا أن الأصنام لا تنفع ولا تضر، ولا تدفع عن نفسها.