خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ
١٩
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ هَذَانِ } وشدد ابن كثير النون ومكن حرف العلة قبله وكذا في و(اللذان) يأتيانها وفي ان (هذان) وفي هاتين وفي ارنا اللذين { خَصْمَانِ } اي فريقان يختصمان فالتثنية نظرا للفظ وجمع في قوله { اخْتَصَمُواْ فَي رَبِّهِم } نظرا للمعنى ولو عكس لصح.
وقرأ ابن ابي عبلة اختصما والخصم في الاصل مصدر.
وروي عن الكسائي خصمان بكسر الخاء والمراد (المؤمنون والكافرون اختصموا في دين ربهم أو ذاته وصفاته).
وروي ان اليهود؛ قيل: والنصارى قالوا للمؤمنين: نحن أحق بالله منكم واقدم كتابا ونبيا وقال المؤمنون: نحن أحق بالله آمنا بمحمد ونبيكم وبما أنزل الله من كتاب وانتم تعرفون كتابنا ونبينا وكفرتم بهما حسدا.
وروي انهم قالوا: نحن أحق بالله كتابا ناسخا لكتابكم ونبينا خاتم النبيين فقضى الله - جل وعلا - للمؤمنين بقوله إلى (الله يدخل الذين آمنوا) الخ وعلى الكفار بقوله (فالذين كفروا) إلى آخره.
قال الشيخ هودرحمه الله قال بعضهم: نزلت في ثلاثة من المؤمنين وثلاثة من المشركين تبارزوا يوم بدر فأما المؤمنون فعبيدة بن الحارث وحمزة وعلي واما المشركين فعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبه.
قلت: روى قومنا عن قيس بن عمار انه سمع ابا ذر يحلف انها نزلت في الستة وحلف على انه أول من بحثوا يوم القيامة للخصومة وأول ما يقضى به يوم القيامة بين الناس الدماء وأول مبارزة وقعت في الاسلام مبارزة علي واصحابه فهي أول خصومة يوم القيامة.
قال صلى الله عليه وسلم:
"نحن الآخرون في الدنيا والاولون في القضاء يوم القيامة"
روي انه " خرج عتبة بن ربيعة وابن اخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ودعوا للمبارزة فخرج فتية من الانصار عوف ومعاذ ابنا الحارث واسم امهما عفراء وعبد الله بن رواحة فقالوا من انتم؟ فقال: رهط من الانصار فقالوا: ما لنا بكم من حاجة ثم نادى مناديهم يا محمد اخرج الينا اكفياءنا من قومنا فقال: صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث قم يا حمزة قم يا علي ولما دنوا منهم قالوا من انتم؟ فتسموا لهم فقالوا نعم اكفاء كرام فبارز عبيدة وكان لسن القوم عتبة بن ربيعة وبارز حمزة شيبة وبارز علي الوليد وقتله فقتله" وقال في فتح الباري بارز حمزة عتبة وعبيدة شيبة وعلي الوليد قتله وقتل حمزة عتبة واختلف عبيدة وشيبة بضربتين وقعت الضربة في ركبة عبيدة ومال حمزة وعلي عليه فقتلاه واحتملا عبيدة بل اعاناه على قتله.
وروى ابو داود من علماء الاندلس ان حمزة لعتبة وعلي لشيبة وأثخن كل من عبيدة والوليد صاحبه أي اكثر جراحته ومال حمزة وعلي إلى الوليد فقتلاه واحتملا عبيدة وصح بعضهم ان عليا للوليد بانهما شابان والاربعة شيوخ.
وروى
"ان عبيدة قطعت رجله فقال يا رسول الله بعد ما جاءوا به إليه والدم يسيل الست شهيداً؟ فقال: بلى؛ فقال عبيدة: لو كان أبو طالب حيا لعلم اني احق بما قال منه" حيث قال:

ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن ابنائنا والخلايل

وقبله ابيات منها متصلا به*

كذبتم وبيت الله نبري محمدا ولما نطاعن دونه ونناضل

وبعده ابيات منها متصلا به قال:

وينهض قوم في الحديد إليكم نهوض الوفايا تحت ذات الصلاصل

وزعم البخاري وغيره ان الخصمين الجنة والنار.
عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم
"تحاجت الجنة والنار قالت النار أوترت بالمتكبرين والمتجبرين فقالت الجنة فما لي لا يدخلني الا ضعفاء الناس فقال الله لها انت رحمتي ارحم بك من اشاء وقال للنار انما انت عذابي اعذب بك من اشاء" ولكل كما ملاها { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ } التشديد للمبالغة.
وقرئ بالتخفيف { لَهُمْ ثِيابٌ مِن نَّارٍ } تجعل النار محيطة بهم كما يشتمل الثوب على لابسه.
وقيل: تجعل لهم ثياب من نار على قدر اجسادهم ويجوز انه اراد لكل واحد منهم ثيابا بعضها فوق بعض من النار.
وقال سعيد بن جبير: ثياب من نار وثياب من نحاس مذاب وليس من الآنية شئ إذا احمى اشد حرا منه ولما كان من نحاس النار.
قيل: من النار أو لانه محمي بالنار أو لانه احر كالنار { يُصَبٌ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ } الماء الحار غاية.