خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ
٢٨
-الحج

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } ليحضروا منافع ثابتة لهم دنيوية وأخروية والتنكير لارادة منافع مخصوصة لا توجد في غير ذلك.
وكان أبو حنيفة يفاضل بين العبادات قبل ان يحج فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص وذلك قول مجاهد وابن العربي.
وقال ابن عباس: المراد المنافع الدنيوية من التجارات ونسب للاكثرين.
وقال أبو جعفر محمد بن علي: المراد (المنافع الاخروية) وهو الظاهر لورود النهي عن قصد التجارة في الحج وبقول مجاهد يقول الشيخ هود لقوله عز وجل
{ ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم } أي بالتجارة في موسم الحج.
قال الغزالي التجارة تمنع فضلة الحج ولا سيما ان كان متجرا بنفس الحج بان يحج لغيره فيطلب الدنيا بعمل الآخرة.
وقد كره الورعون وارباب القلوب ذلك الا ان كان قصده المقام بمكة ولم يكن له ما يبلغه فلا باس ان يأخذ ذلك على هذا القصد لا يتوصل بالدين إلى الدنيا بها إلى الدين وعند ذلك ينبغي ان يقصد زيارة بيت الله تعالى واعانة اخيه المسلم باسقاط الفرض عنه وفي مثله ينزل قوله صلى الله عليه وسلم
"يدخل الله تعالى بالحجة الواحدة الجنة ثلاثة الموضي بها والمنفذ لها والخارج بها عن اخيه"
{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } في العشر الأوائل من ذي الحجة عند الاكثرين وسميت معلومات للحرص عليها لوقت الحج في آخرها.
وعن ابن عباس انها ايام عرفة والنحر والتشريق.
وقيل: يوم النحر وثلاثة بعده والاول قول ابي حنيفة وقتادة والحسن.
وقال مالك: يوم النحر واليومان بعده * { عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } الابل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الضحايا والهدايا والبهيمة تطلق على كل ذات اربع ولذا بينت بالانعام علق الذكر بما رزقهم وبين ما رزقهم بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر والمراد ذكر الله عند اعداد البهيمة وذبحها.
وقيل: كني عن النحر والذبح بذكر اسم الله لان أهل الاسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا أو ذبحوا وفيه تنبيه على ان الغرض الاصلي فيما يتقرب إلى الله به ان يذكر اسمه والجمع بين ذكر اسم الله والرزق حسن الكلام تحسنا واضحا ولو قال لينحروا في ايام معلومات بهيمة الانعام لخلا عن الحسن.
وقالوا: ان في ذكر الايام دليلا على ان الذبح في الليل لا يجوز وهو مذهب اصحاب الرأي:
قال الشيخ هود -رحمه الله -: الاضحى يوم النحر ويومان بعده ويوم النحر أفضلها.
وقيل: هذا بمكة توسيعا لمن لم يجد واما في غيرها فيوم النحر وبسط ذلك في قوله بعضهم وفي الآية دليل على ان الايام المعلومة يوم النحر وايام التشريق لان التسمية على بهيمة الانعام عند نحرها ونحر الهدايا يكون في هذه الايام { فَكُلُواْ مِنْهَا } من لحومها وشحومها إذا كانت غير واجبة والامر للاباحة وكانت الجاهلية تحرج ان تأكل منها فاباح الله لنا الاكل منها لنخالفهم أو للندب لما فيه من مواساة الفقراء ومساواتهم ومن استعمال التواضع.
وقيل: الوجوب ايجابا لمخالفتهم.
قيل: اتفق العلماء انه لا يمتنع الاكل من المتطوع به لما روي عن جابر بن عبد الله في قصة حجة الوداع قال وقدم عليّ من اليمن ببدن وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة ونحر عليّ ما غير واشركه في بدنة ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر وطبخت فاكل من لحمها وشرب من مرقها * { وأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ } اي صاحب الباس اي الشدة كالأبن لصاحب اللبن { الفَقِيرَ } اي المحتاج نعت توكيد أو تفسير.
وقيل: المراد بهما معا الشديد الفقر.
وقيل: البائس المريض وهذا الامر للوجوب.
عن جعفر بن محمد عن ابيه اطعم البائس الفقير ثلثا والقانع والمعتر ثلثا واطعم اهلي ثلثا.
وعن ابن مسعود انه بعث بهديه مع علقمة فامره ان يأكل هو اصحابه ثلثا وان يبعث إلى أهل عتبة بن مسعود ثلثا وان يطعم المساكين ثلثا
وعن سعيد بن المسيب والحسن انه لا يأكل منها الا ربعا ويجوز الاكل قبل الطعام وبعده واستحب بعضهم التصدق بالاكثر ويجوز له ادخار ثلث وان عطب هدي التطوع قبل بلوغ محله خلى بينه وبين الناس ولا يأكل منه ولا رفقته وان أكل فعليه قيمة ما أكل عند ابن مسعود وابن عباس وعلي وجماعة من التابعين.
وقيل: عليه بدله كله وإذا بلغ الحرم فقد بلغ محله.
وقيل: إذا بلغ مكة.
وقيل: منى ولا يأخذ من الهدي الواجب شيئا عند الشافعي.
وقيل: يأخذ الاجزاء الصيد والنذور وفدية الاذى وهو قول مالك
وقيل: يأخذ من هدي المتعة وهدي القرآن.
وقال ابن عمر: لا يأكل من جزاء الصيد والنذر ويأكل من هدي افساد الحج والاحصار عنه وفواته وهو قول أحمد واسحاق.